مراجعة نسخة الحاسب من The Last Of Us Part 1

ظهر عنوان The Last of Us في فترة عانت فيها صناعة الألعاب من النمطية والتشابه بين الكثير من العناوين، وقل فيها الاهتمام بتطوير ألعاب ذات سرد قصصي قوي. حينئذ أصدرت Sony لعبة The Last of Us عام 2013 لتكون واحدة من أقوى حصرياتها وأفضل العناوين في الصناعة بأكملها، فقد قدمت اللعبة قصة عظيمة وأسلوب لعب متميز مع طاقم رائع من المؤديين الصوتيين أهمهم Troy Baker و Ashley Johnson، ومن إخراج Neil Druckmann.

ارتأت Sony ضرورة إعادة إحياء عنوان The Last of Us خاصةً أن الجزء الثاني لم يلق رواجاً لأسباب لن نذكرها هنا، ووضعت خطة مدروسة مكونة من ثلاث خطوات؛ أطلقت ريميك لمنصة PS5 في سبتمبر من عام 2022، وأطلقت مسلسلاً للعبة ليجد تغطيةً إعلاميةً مجانيةً استغلالاً لضجة الريميك، ومنذ أسبوع أطلقت نسخة الريميك أخيراً للحاسب الشخصي لإتاحة فرصة جديدة لمن شاهد المسلسل ولم يجرب اللعبة بعد. حصلنا على اللعبة وقمنا بتجربتها خلال الأيام الماضية، ووسط الضجة حول بعض مشاكل الأداء التقني للعبة، ها قد حان الوقت لسرد تجربتنا معكم.

القصة: لا جديد يُذكر ولا قديم يُعاد

تدور القصة حول انتشار وباء خطير يحول البشر لمخلوقات أشبه بالزومبي، ويكون بطل قصتنا Joel المُهرب الذي يضعه القدر في طريق الطفلة Ellie في مهمة توصيلها إلى مكان بعيد لسبب لا يعلمه أحد، لتخلق الرحلة بينهما رباطاً قوياً أشبه بعلاقة الأب مع ابنته؛ علاقة أساسها الأمل والحب والمسؤولية والتمسك بالعائلة ومحاولة حمايتها مهما كانت الصعاب وبأي ثمن كان.

بالتأكيد لن تطلق Sony الريميك لمنصة PS5 بسعر 70 دولاراً ولا تغير سوى الرسوميات والفيزيائيات ملقيةً الوضع متعدد اللاعبين بالقمامة -وكأن الأمر اختلط عليها بين الريميك والريماستر- وإذ تقرر فجأةً إضافة أمور جديدة بمنصة الحاسب مثلاً! لم يتغير أي شيء بالقصة قط، فالأحداث والسرد كما هما بحذافيرهما، وهو المُتوقع من أي بورت للحاسب لريميك لعبة صدر حديثاً، وهو ما يقودنا للتساؤل عن الجديد في الريميك نفسه.

ما الجديد في ريميك The Last of Us Part 1 ؟

• رغم أن القصة لم تتغير، إلا أن Sony قررت إضافة تعليق صوتي للمؤدي Troy Baker والمخرج Neil Druckmann، وهو ما يزيد القصة عمقاً وتأثيراً.

• الرسوميات أصبحت أكثر جمالاً وواقعيةً، كما ازدادت تفاصيل البيئة بما يشمل الخريطة والأرضيات والأسطح والعناصر الأخرى.

• الاهتمام بانعكاس الأضواء والظلال وتأثيرها على الأسطح يستحق الإشادة ويعكس جودة ألعاب استوديو Naughty Dog الموهوب.

• تم تحسين الفيزيائيات بشكل كبير، فمثلاً تأثير هطول الأمطار وتفاعل الأسطح مع إطلاق الرصاصات عليها ازداد واقعيةً.

• زيادة تفاصيل وجوه الشخصيات وحركاتها التعبيرية مما يزيد من الارتباط بالشخصيات ويضفي مزيداً من العمق على القصة.

• العمل على صقل نظام الذكاء الاصطناعي وجعله أكثر تقدماً، فالأعداء يقدمون نوعاً من التحدي، كما أنهم يستخدمون استراتيجيات ذكية لمحاولة النيل منك مثل محاولة الالتفاف من حولك ومحاصرتك تمامًا مثل الجزء الثاني.

• الاهتمام بإمكانية الوصول “Accessibility” بشكل يضاهي ألعاب الجيل الجديد. تتضمن هذه الإعدادات تعديل التحكم وإتاحة حلول لمساعدة من يعانون من عمى الألوان وضعف السمع ودوار الحركة، بالإضافة لتخصيص إعدادات القتال والاستكشاف.

الأداء التقني: متطلبات التشغيل العالية وبطء تجميع الظلال “Shader Compiling” أثارا جدلاً كبيراً

لقد تفاجأنا من المتطلبات العالية لتشغيل اللعبة وبالتحديد البطاقة الرسومية، رغم أن ألعاب Sony للحاسب معروفة بأنها تتعامل بشكل ممتاز مع العتاد “Optimization” أي أنها تعمل بمعدل إطارات عالٍ ومستقر مع بطاقات رسومية اقتصادية، فلا يصح أن تكون بطاقة الرسوم الموصى بها لتشغيل اللعبة RTX 2070 تماماً مثل لعبة Dead Space Remake، وهو ما لا تتطلبه ألعاب حديثة مثل The Callisto Protocol و Cyberpunk 2077، علماً بأننا نتحدث عن ألعاب من الأقوى رسومياً في الصناعة.

ما أعنيه هو أن لعبة The Last of Us لا تعرف شيئاً عن تعامل حصريات Sony الأخرى مع العتاد، فرفع المتطلبات لهذا الحد لا يعبر عن قوة الرسوميات وإنما يخفي فشل المطور في صنع لعبة تتعامل مع العتاد بشكل جيد، وهو ما يذكرني بلعبة Returnal الحصرية لـSony أيضاً ولعبة Forspoken الحصرية الطرف الثالث لـSony. لسخرية القدر، معظم الألعاب غير الحصرية المذكورة سابقاً؛ Dead Space Remake و Resident Evil Remake و Cyberpunk 2077، تعمل بشكل جيد مع البطاقات الرسومية الاقتصادية مثل GTX 10 ولا تواجه أي مشاكل في البطاقات الأحدث، فما الذي يحدث يا Sony؟!

أما إذا تغاضينا عن هذه المتطلبات الخرافية، فلا يمكننا تجاهل تجميع الظلال “Shader Comliling” الذي يستغرق 40 دقيقةً تقريباً ليكتمل، مما أجبر العديد من اللاعبين على اللعب أثناء تجميع الظلال وبالطبع تسبب ذلك في تجربة تقنية شنيعة. إذا تغاضينا عن هذا العيب أيضاً، فاللعبة تعاني مع بعض حواسيب الفئة العليا عند اللعب بإعدادات High أو Ultra فما بالك الفئة المتوسطة والاقتصادية! فليست هذه ألعاب Sony التي نعرفها.

لقد جربنا اللعبة عبر حاسوبين محمولين من الفئة العليا، إليكم المواصفات والأداء:

الحاسوب الأول:

• المعالج: Intel Core i9-13980HX.
• بطاقة الرسوم: Nvidia RTX 4090 16GB.
• الرامات: 32GB بتردد 4800MHz.

شغلنا اللعبة بإعدادات Ultra بدقة 2K وعملت اللعبة بمتوسط 80 إطاراً في الثانية، وعند تفعيل تقنية DLSS بجودة Quality ارتفع معدل الإطارات لمتوسط 100 إطاراً في الثانية. لكن لاحظنا أن معدل الإطارات مستقر نسبياً، أي أن الإطارات ليست ثابتة تماماً ولكنها تتغير قليلاً حسب المؤثرات البيئية بشكل لا يمس التجربة بسوء.

الحاسوب الثاني:

• المعالج: Intel Core i9-13950HX.
• بطاقة الرسوم: Nvidia RTX 4080 12GB.
• الرامات: 32GB بتردد 5600MHz.

شغلنا اللعبة بإعدادات Ultra بدقة 2K وعملت اللعبة بمتوسط 65 إطاراً في الثانية، وعند تفعيل تقنية DLSS بجودة Quality ارتفع معدل الإطارات لمتوسط 75 إطاراً في الثانية، ومعدل الإطارات لم يكن مستقراً، فقد كان ينخفض بشكل مريع عند دخول منطقة جديدة لأول مرة!

بالنسبة للمشاكل التقنية “Bugs”، فلم نصادف أياً منها باستثناء مشكلة واحدة حدثت في بداية اللعبة؛ بعد التقاء Joel بـTess وبدء مشهد سينمائي لهجوم الزومبي على قوات الأمن، حان الوقت للتحكم بـJoel للالتفاف والركض ليهرب، لكن لم تستجب اللعبة للتحكم مما اضطرنا لإعادة تشغيل اللعبة من جديد، وهذا ليس عيباً كارثاً كما أننا لم نصادفه ثانيةً، وقد يكون عيباً فردياً.. من يعلم.

مزايا اللعبة باختصار:

• دمج إضافة التعليق الصوت لكل من Troy Baker و Neil Duckmann يزيد من تعلق اللاعبين بقصة اللعبة وشخصياتها الرئيسية.

• مستوى رسوميات قوي على صعيد تفاصيل البيئة والخريطة وانعكاسات الضوء والظلال بشكل يليق بألعاب الجيل الجديد.

• فيزيائيات اللعبة واقعية بشكل كبير خصوصاً تأثير الطلقات على الخشب والزجاج والمعدن مما يعكس اهتمام الاستوديو بكل تفصيلة.

• تحسن تفاصيل وحركات وجوه الشخصيات يستغل الأداء التمثيلي لطاقة الممثلين الموهوب على أكمل وجه مما زاد من اندماجي بالقصة، لدرجة أنني كدت أبكي من مشهد موت Sarah.

• الذكاء الاصطناعي تم تطويره ليشكل تحدياً حقيقياً يصعب عليك التقدم في أحداث القصة مما يجعل التجربة أكثر واقعيةً لدرجة أنه يجب عليك تعديل تمركزك لمنع الأعداء من الالتفاف حولك!

• إعدادات إمكانية الوصول “Accessibility” تنم على اهتمام استوديو Naughty Dog بجميع اللاعبين على حد سواء ودعمه وتقديره لكل من يعانون من ظروف صحية في حين أن ألعاباً أخرى تصعب أسلوب اللعب غير مكترثة بقدرة هؤلاء اللاعبين على الاستمتاع بأبسط حق لهم.. اللعب!

• دعم ذراع تحكم DualSense عبر نسخة الحاسب الشخصي بشكل كامل عبر إتاحة تقنية الـHaptic Feedback لتقديم اهتزازات واقعية والـAdaptive Triggers لتقديم تجربة تصويب وإطلاق نار منقطعة النظير بالإضافة لإمكانية تعديل وظائف الأزرار بشكل شبه كامل.

• دعم تقنية 3D Audio يوفر تجربة صوتية ثلاثية الأبعاد عالية الجودة يزيد من اندماجك في عالم اللعبة ويكمل التجربة البصرية.

عيوب اللعبة باختصار:

• عدم تقديم أي جديد يُذكر فيما يتعلق بالقصة وتصميم المراحل وعدم جلب مزايا أسلوب لعب الجزء الثاني مثل التسلل وتفادي الضربات، بل وإزالة الوضع متعدد اللاعبيت

• عدم دعم اللغة العربية بأي شكل من الأشكال هذه الأيام أمر غاية في الاستفزاز ولم يعد مقبولاً شكلاً وموضوعاً، خاصةً إذا ذكرنا بأن اللغة التركية مثلاً مدعومة بالقوائم والنصوص ولا مجال للمقارنة بين عدد المتحدثين بهذه اللغة وتلك!

• ارتفاع متطلبات تشغيل اللعبة بشكل غير مبرر مما يحصر التجربة بإعدادات Medium فما فوق لعدد محدود من المستخدمين، كما أن الحواسيب من الفئة العلية تعاني مع إعدادات High و Ultra.

• استغراق تجميع الظلال “Shader Compiling” وقتاً طويلاً جداً بشهادة استوديو Naughty Dog نفسه، بالإضافة لعدم استقرار الأداء وبعض المشاكل التقنية، ويمكن حل معظم هذه المشكلات بإرسال تحديثات للعبة.

هل ننصحك بشراء نسخة الحاسب من The Last of Us Part 1 ؟

يبلغ سعر اللعبة 60 دولاراً، أي أقل من سعرها عبر منصة PS5 الذي يبلغ 70 دولاراً. أما عن رأينا، فننصحك بشرائها فقط إذا لم تجربها عبر منصة PS5، فكما أشرنا سابقاً، لم يقدم الريميك فرقاً كبيراً عن اللعبة الأصلية يجعله يستحق الشراء، وعموماً لا ننصحك بتجربتها إلا بعد إرسال تحديث جديد لاحق لحل مشاكل الأداء التقني سالفة الذكر.