مراجعات

مراجعة وتقييم لعبة Atomfall

تقدّم Atomfall تجربة مختلفة تنقل اللاعب إلى عالم غريب ومثير، لا يبتعد كثيرًا عن الواقع، بل يستمدّ ملامحه من أحداث حقيقية تركت أثرًا في التاريخ. لا تعتمد اللعبة على الأبطال الخارقين أو المغامرات الخيالية المكرّرة، بل تضعك في قلب بيئة غامضة مليئة بالأسرار والمواقف غير المتوقعة؛ ومع كل خطوة، ينكشف لك شيء جديد يدفعك للتساؤل عمّا يحدث من حولك. إنها تجربة تدعوك للاستكشاف والتأمّل، وتشعرك بأن لكل شيء معنى، ولكل مكان حكاية تستحق أن تُروى. إليكم مراجعة وتقييم لعبة Atomfall.

Atomfall

ما يجعل Atomfall متميّزة ليس فقط ابتعادها عن صور الدمار النووي التقليدية أو الرموز المألوفة للحرب الباردة، بل جرأتها على تقديم منظور بريطاني خالص في عالم ما بعد الكارثة. فبدلاً من أن تستلهم الخيال الأمريكي كما في Fallout، أو الغموض السوفييتي كما في STALKER، تغوص Atomfall في ذاكرة بريطانيا المعاصرة، مستندة إلى لحظة تاريخية مهملة، ومُحمّلة بروح محلية تجمع بين الغرابة والسوداوية.

لكن هل تنجح Atomfall فعلًا في تقديم تجربة ممتعة ومختلفة كما تعد؟ هل استطاعت أن تخلق عالمًا مقنعًا وحيويًا؟ وهل توازنها بين البقاء والاستكشاف كافٍ لجذب عشّاق ألعاب تقمّص الأدوار؟ إلى أي مدى يمكن اعتبارها صوتًا جديدًا ومميزًا في مشهد ألعاب ما بعد الكارثة؟ وهل تكفي خلفيتها البريطانية الفريدة لتمنحها هوية مستقلة بعيدًا عن ظل Fallout وSTALKER؟

في عام 1962، وبعد خمس سنوات من حادثة وندسكايل النووية التي حوّلت شمال إنجلترا إلى منطقة حجر صحي مشعة، يستيقظ بطل القصة فاقدًا للذاكرة داخل مخبأ تحت الأرض. لا يعلم من هو، ولا كيف وصل إلى هناك، سوى أن العالم الخارجي الذي يخرج إليه يبدو كلوحة طبيعية بريطانية هادئة: تلال خضراء، وطرق مرصوفة بالحصى، وصندوق هاتف أحمر يقف كرمز لعصرٍ مضى. غير أن هذا الهدوء الخادع يُخفي وراءه فوضى ما بعد الكارثة.

بمجرد خروجه، يبدأ البطل رحلة مليئة بالأسرار والمخاطر؛ إذ تعترض طريقه كائنات متحولة، وعصابات عنيفة، وعناصر غامضة من حكومة فاشية تسعى لفرض النظام في هذا العالم المهجور؛ وكل خطوة يخطوها تكشف له خيوطًا متشابكة من الأدلة حول سبب الكارثة، وما الذي حدث فعلًا في منطقة الحجر الصحي؛ وبينما يتنقل بين أحياء الريف الإنجليزي، يتعيّن عليه جمع الموارد، وتصنيع الأسلحة، واتخاذ القرار بين استخدام القوة أو التسلل بحذر لتجنّب المواجهات الدموية.

Atomfall

وخلال مغامرته، يصادف البطل شخصيات متنوعة؛ منها من يقدّم له العون بنصائح قيّمة، ومنها من يُخفي أسرارًا قاتمة قد تغيّر مصير المنطقة بأسرها. لا وجود لمهام موجهة تقليدية، بل يعتمد التقدّم على خيال اللاعب ومهاراته التحقيقية، ليجمع القطع المفقودة من لغز الكارثة، ويتّخذ قرارات صعبة تحدّد النهاية التي سيصل إليها.

تمتزج عناصر التشويق والغموض بلمسة من السرد البوليسي البريطاني، ليشعر اللاعب وكأنه بطل في رواية تحقيق تُشبه أعمال “The Prisoner” و”Doctor Who”، بينما يواجه في الوقت ذاته واقعًا قاسيًا مستلهمًا من سيناريوهات ألعاب البقاء مثل “STALKER” و”Metro”. ومع كل خيار يتّخذه، تتبدّل معالم العالم من حوله، فيتجلّى أن مصيره ومصير هذا العالم المتداعي مرهونان بقراراته.

  • على الرغم من تصنيف Atomfall ضمن الألعاب التي تحتوي على عناصر RPG، فإن هذه العناصر لا تؤدي دورًا فعليًا في تغيير طريقة اللعب أو تعزيزها بشكل يُذكر. فالنظام المعتمد على توزيع النقاط لتقوية المهارات يبدو كإضافة شكلية أكثر منه وسيلةً للتخصيص العميق أو لبناء شخصيات متخصصة.
  • لا يستطيع اللاعب، على سبيل المثال، بناء شخصية قنّاص بارعة من خلال تحسين الدقة أو التسلل، إذ إن تأثير هذه الترقيات بسيط ولا ينعكس بوضوح على أرض الواقع. وهذا ما يجعل التجربة محدودة من حيث العمق التكتيكي الذي توفره ألعاب RPG الأخرى.
Atomfall
  • يقوم جوهر تجربة Atomfall على مبدأ البقاء في بيئة معادية، والتعامل مع التهديدات بعقلانية وتحليل، لا بالقوة الغاشمة. فاللعبة لا تُكافئ الأسلوب العدواني، بل تدفع اللاعب بشكل واضح إلى التفكير قبل التنفيذ.
  • يُعدّ التسلل خلف الأعداء وتنفيذ ضربة صامتة هو الأسلوب المثالي، لا سيّما أن القتال المفتوح نادرًا ما يُثمر، بل يؤدي غالبًا إلى كارثة. إن وجود الأعداء ضمن مجموعات، إلى جانب الذكاء الاصطناعي الذي يرصد التحركات، يجعل المواجهة المباشرة خيارًا أخيرًا لا مفر منه أحيانًا، لكنه في معظم الأحيان غير مستحب.
  • وفي خطوة قد تبدو مفاجئة من مطوري Sniper Elite، جاءت تجربة استخدام الأسلحة في Atomfall ضعيفةً ومتعمّدةً في ضعفها. فالبنادق بطيئة، غير دقيقة، وضوضاؤها كفيلة بكشف موقعك للعدو خلال لحظات.
  • ورغم أن ضربة واحدة في الرأس قد تُسقط العدو فورًا، فإن عواقب استخدامها قد تكون وخيمة، إذ سرعان ما يتنبه باقي الأعداء لمكانك ويبدؤون بمطاردتك. وبهذا تتحول الأسلحة النارية من أدوات قوة إلى عبء تكتيكي، مما يُشجع اللاعب على استخدام الحلول الإبداعية والهادئة بدلاً منها.
Atomfall
  • تُعدّ حرية اللاعب في اختيار أسلوب تعامله مع المهام من أبرز مزايا Atomfall. إذ يمكن تنفيذ المهام بالاعتماد على التسلل، أو عبر إشغال العدو بطرق ملتوية، أو حتى باستخدام الفخاخ والقنابل البدائية التي يصنعها اللاعب بنفسه.
  • يُضفي هذا التنوع في الأسلوب شعورًا بالحيوية والمرونة، ويمنح كل لاعب فرصة تطوير طريقته الخاصة في مواجهة التحديات، مما يُضفي طابعًا ديناميكيًا على كل مهمة.
  • اللعبة لا تتسامح مع العشوائية، بل تُكافئ أولئك الذين يُخططون خطواتهم بدقة. فدخول منطقة معادية دون مراقبة الحراس أو دراسة التضاريس يؤدي غالبًا إلى الفشل. ومن هنا، يصبح التخطيط المسبق، واستخدام البيئة لصالحك، والتفكير في خط الهروب عند الضرورة، جزءًا لا يتجزأ من التجربة.
  • فعلى سبيل المثال، يتطلّب تنفيذ عملية اغتيال صامت عزل العدو عن مجموعته، ومراقبة خطوط رؤيتهم، واختيار اللحظة المناسبة للهجوم. وهذه العناصر مجتمعة تخلق تجربة تتطلب تركيزًا وانتباهًا، لا مجرد مهارة يدوية.
  • وتكمن واحدة من أكبر تحديات Atomfall في المزج بين رغبة اللاعب في الاستكشاف والخطر الدائم الذي يحيط به. فالتجول في البيئة لا يمكن أن يكون مريحًا أو آمنًا، بل هو دائمًا محفوف بالمخاطر.
  • وجود كمائن، أو دوريات آلية، أو حتى مفاجآت غير متوقعة، يجعل كل خطوة تحمل احتمال حدوث مواجهة. هذا التوتر الدائم يُبقي اللاعب في حالة تأهّب ويمنح العالم طابعًا حيًّا، لكنه يعني أيضًا أن اللعبة قد تفقد جزءًا كبيرًا من إثارتها عند تقليل مستوى الصعوبة أو غياب التهديد.
  • وعلى الرغم من وجود نظام الصناعة، فإن فعاليته في سياق أسلوب اللعب تظل محدودة. إذ يجد اللاعب نفسه غالبًا يحمل الكثير من المواد الخام التي لا يستخدمها فعليًا، إما لأنه لا يحتاجها، أو لأن واجهة الصناعة غير مرنة.
  • وفي لحظات الطوارئ، قد يُمنع من صناعة أدوات النجاة بسبب امتلاء المخزون، مما يُقلل من أهمية النظام الصناعي ذاته. وهذه التناقضات تجعل هذا النظام يبدو وكأنه غير مندمج بالكامل مع بقية جوانب اللعبة.
  • قد يبدو غياب خاصية التنقّل السريع (Fast Travel) مزعجًا في البداية، لكنه في الواقع عنصر مقصود يعزّز من طابع البقاء في اللعبة. فالتنقل من نقطة إلى أخرى يعني التعرّض للمخاطر، والتعامل مع الكمائن، أو احتمال نفاد الموارد أثناء الطريق.
  • وهذا يضيف إحساسًا دائمًا بالواقعية والخطر، ويجعل كل رحلة إلى المدن أو القواعد محفوفة بالاحتمالات، مما يعزّز من أهمية التخطيط واتخاذ قرارات مدروسة مبنية على الموارد والموقع.
  •  يمنح النظام اللاعبين حرية اختيار أسلوبهم الخاص في تنفيذ المهام، سواء عبر التسلل، نصب الفخاخ، أو التشتيت الذكي، مما يضفي تنوعًا حيويًا وديناميكيًا على طريقة اللعب.
  •  تنجح اللعبة ببراعة في تجسيد أجواء بريطانيا خلال فترات الإغلاق أو الحجر، حيث تمزج بين الكآبة والهدوء القاتل بأسلوب فني مميز، مما يعزز الإحساس بالتوتر والانعزال.
  • نظام المهام القائم على “الخيوط” (Leads-based quests) تم تنفيذ هذا النظام بإتقان كبير، إذ يشجع اللاعب على التقصي والاكتشاف بدلاً من اتباع مؤشرات تقليدية، مما يجعل تتبع الأهداف جزءًا ممتعًا ومتكاملًا من تجربة اللعب.
  • تعزز عناصر البقاء، مثل البحث عن الطعام أو الذخيرة، من حدة المواجهات، وتضفي طبقة إضافية من التحدي على الاستكشاف من خلال الحاجة إلى إدارة الموارد والتعامل مع تهديدات مستمرة.
  •  رغم وجود نظام توزيع النقاط لتطوير المهارات، إلا أنه يبدو سطحيًا وغير فعّال في تغيير أسلوب اللعب أو تخصيص الشخصيات بشكل عميق.
  •  ترقية مهارات مثل التسلل أو الدقة لا تؤثر بشكل واضح على الأداء داخل اللعبة، مما يحدّ من إمكانية بناء شخصيات متخصصة.
  •  الأسلحة بطيئة وغير دقيقة، وغالبًا ما يؤدي استخدامها إلى كشف موقع اللاعب، مما يجعلها عبئًا أكثر من كونها أداة فعالة.
  •  رغم وفرة المواد الخام، إلا أن نظام الصناعة لا يندمج بسلاسة في أسلوب اللعب، ويعاني من مشكلات مثل امتلاء المخزون وعدم مرونة الواجهة.
  •  يجعل التهديد المستمر الاستكشاف مجهدًا، مما قد يفقد اللعبة جزءًا من متعتها، خاصة عند تقليل مستوى الصعوبة أو بعد قضاء وقت طويل في اللعب.
  •  القصة الرئيسية تفتقر للجاذبية، رغم جودة العالم والتفاصيل، إلا أن الخط السردي الأساسي لا يتمتع بجاذبية كافية لدفع اللاعب للاستمرار، وقد يبدو باهتًا بالمقارنة مع العالم المحيط به.
  • رغم أن غياب نظام التنقل السريع قد يُبرَّر بمحاكاته لواقع عالم ما بعد الكارثة وتعزيزه لطابع البقاء، إلا أنه يجعل التنقل أحيانًا تجربة مرهقة ومُكررة، خاصة عند الحاجة للعودة إلى مناطق سبق استكشافها أو إنجاز مهام بسيطة. كان من الممكن توفير نظام تنقل محدود أو مشروط، كما هو الحال في Kingdom Come: Deliverance 2، ليخفف من التكرار دون الإخلال بأجواء اللعبة.

يعتمد قرار شراء Atomfall على مدى تقبّلك لأسلوب اللعب الذي تفرضه. فإذا كنت تبحث عن تجربة بقاء تتطلب التخطيط والتسلل، حيث يُكافأ الذكاء والتروي أكثر من المواجهات المباشرة، فقد تجدها تجربة ممتعة ومليئة بالتحديات، خاصة مع أجوائها المشحونة بالتوتر ونظام المهام القائم على الاستكشاف.

أما إذا كنت تفضل ألعاب التصويب السريعة أو أنظمة الـRPG العميقة، فقد تشعر بالإحباط بسبب محدودية تطوير المهارات، وضعف تأثير الأسلحة، وغياب ميزة التنقل السريع، مما يجعل التجربة أحيانًا أكثر إجهادًا من كونها ممتعة. لذلك، إن كنت مستعدًا للانغماس في عالم قاتم يتطلب الصبر والتخطيط، فقد تكون Atomfall خيارًا مناسبًا، وإلا فقد يكون البحث عن تجربة أخرى أكثر توافقًا مع أسلوبك هو القرار الأفضل.

مُلخص المراجعة

القصة والسرد - 7
التجربة البصرية وسمعية - 7.5
العالم والتصميم البيئات - 8.5
أسلوب اللعب - 7.5
الأداء التمثيلي - 7
المحتوى الجانبي - 7.5

7.5

جيدة جدًا

رغم أن Atomfall تنجح في خلق أجواء توتر وبقاء مميزة، فإن ضعف تأثير عناصر RPG، والأسلحة غير الفعالة، والتهديد المستمر قد يجعل التجربة مرهقة أكثر من كونها ممتعة؛ ومع ذلك، توفر الحرية التكتيكية والتنوع في أساليب اللعب لحظات إبداعية لمن يتحلى بالصبر والتخطيط.

Mohamed Ibrahim

مُحرر في Games Mix و Hardware Specialist، ومهتم بعالم التكنولوجيا الكمبيوتر والهواتف الذكية، وأعشق عالم الألعاب بكافة أنواعه منذ نعومة أظفاري خاصًة ألعاب القصص التي تتميز بتفاصيلها الدقيقة والرائعة، وطريقة اللعب الممتعة، كما أنني أحب معظم ألعاب اللعب الجماعي مثل League of Legends و Valorant.
زر الذهاب إلى الأعلى