قليلة هي الألعاب التي تقع أحداثها في مدينة “طوكيو” والتي أعتبرها واحدة من المدن المحببة إلى قلبي. يمكنني أن أكتفي بهذا فقط سببًا لحماسي للعبة Ghostwire: Tokyo ولكني وقتها لن أكون عادلًا، فاستوديو Tango Gameworks القائم على تطويرها هو الاستوديو ذاته وراء سلسلة The Evil Within العبقرية صاحبة البصمة المميزة في ألعاب الرعب بشكل عام.
لعبة Ghostwire: Tokyo واحدة من أضخم العناوين وأكثرها انتظارًا في عام 2022، هي لعبة قصصية من منظور اللاعب من نوع الأكشن والخيال العلمي الممزوجين بالقليل من الرعب. من نشر Bethesda Softworks، ومن تطوير استوديو Tango Gameworks الياباني. لعبة Ghostwire: Tokyo تُعد واحدة من أكثر الألعاب التي ترقبت إصدارها بشكل شخصي لما أظهرته العروض الدعائية من إمكانيات مميزة محتملة لهذه التجربة، وزاد هذا الحماس بعدما شاهدت نصف ساعة كاملة من أسلوب اللعب في حدث خاص بالإعلام في الشهر الماضي بعد تأجيلات عديدة. فهل كُلل حماسي ووقت انتظاري بنهاية سعيدة كما في أفلام ديزني، أم هي نهاية محبطة كما المواسم الأخيرة من صراع العروش؟
قصة Ghostwire Tokyo: السعي وراء المجهول
في أمسية روتينية في شوارع Tokyo الصاخبة والعصرية، وبالتحديد عند تقاطع (شيبويا) الشهير وسط حشود من المواطنين والسائحين، يبدأ الجميع في الاختفاء والتلاشي فجأة بينما يتم انتزاع أرواحهم منهم في ظل اعتلاء الأجواء ضباب كثيف يقتل كل من يدخل محيطه، وتظهر كائنات مخيفة لها هيئة البشر وهم ليسوا منهم، وجوههم ممسوحة أو رؤوسهم منزوعة، يحملون المظلات بينما يسيرون بشكل بطيء يبعث بالرهبة، ثم يبدؤون في الركض تدريجيًا نحو الناس لالتهام أرواحهم.
هنا يستيقظ بطل قصتنا (أكيتو) ويرى الكارثة التي أصابت الجميع وسببت اختفاء جميع مَن في المدينة، ليكتشف أنه عاد للحياة مجددًا بعد أن استحوذت عليه روح شخص يُدعى (كاي كاي) صائد الأرواح المحترف، والذي يبدأ في التحدث إليه على هيئة صوت في رأسه، فيقاومه (أكيتو) ولكن دون جدوى حين يدرك أن (كاي كاي) يمده بقدرات خارقة تساعده في النجاة ومحاربة تلك الكائنات التي يُطلق عليها (الزوار)، ليكوّنا علاقة تذكرني بتلك الموجودة بين (جوني سيلفرهاند) و (ڤي) من Cyberpunk 2077.
يتضح أن قدرات (كاي كاي) الخارقة أصلها من العالم السفلي وأنه يعلم ماذا يجري، وأن من وراء هذه الكارثة شخص غامض يُدعى (هانيا)، وهو يسعى لكسر الحاجز بين عالمنا وعالم الأموات. هنا (كاي كاي) يرشد (أكيتو) لتعزيز قواه واكتساب المزيد من المهارات لإعداده للقضاء على (هانيا)، خاصةً بعد أن علم (أكيتو) أن (هانيا) اختطف أخته التي تبدو ضرورية له لتحقيق مسعاه. فهل ينجحان في مهمتهما ويتغلبان على الصعاب في مدينة طوكيو المسكونة للعثور على (هانيا) والقضاء عليه؟ هل يكشفان هوية (هانيا) ذاك ويتعرفان على دوافعه الحقيقية بينما يتقبلان بعضهما البعض؟
قصة Ghostwire: Tokyo الأساسية تمتد إلى 4 فصول، وهو حوالي 9 – 10 ساعات من اللعب دون التركيز كثيرًا على المهام الجانبية.
شرح محتوى اللعبة
1- تقدم Ghostwire: Tokyo عالمًا واسعًا نسبيًا لاستكشافه، ولكنها لا تعطي اللاعب كامل الحرية في استكشافه والتنقل في أرجائه وقتما يشاء، فهناك أماكن لا يمكن الوصول إليها سوى في مراحل معينة من القصة؛ لذا فهو بعيد عن كونه عالمًا مفتوحًا.
في البداية ستجد المدينة كلها مغطاة بالضباب المميت الذي لا يمكن تخطيه قبل تنقية بوابات “توري” الخاصة بالأضرحة الموجودة حوله، وكلما قمت بعمل تنقية لبوابات أكثر كلما انكمش الضباب أكثر وزادت المناطق التي يمكن الوصول إليها، ولكن الفكرة هنا أن الكثير من تلك البوابات لن تكون متاحة لتنقيتها من البداية، ولكنها ستظهر في مراحل معينة عندما تتيح لك اللعبة استكشافها اعتمادًا على مدى تقدمك في القصة.
2- في عالم Ghostwire: Tokyo هناك مهام جانبية كثيرة بجانب المهام الرئيسية للقصة، حيث تطلب منك الأرواح المساعدة في أمور مختلفة. لكل مهمة مكافآت، سواءً ما تساعد في تطوير المهارات، أو عملة “الميكا” المستخدمة للشراء، أو حتى عدد من الأرواح. يمكن تتبع المهام الرئيسية والجانبية ومعرفة تفاصيل كل منها من قائمة “المهام”.
3- المعارك تعتمد على كلٍ من: استخدام القوس، والذي يُفضل استخدامه عند التسلل، والأهم هي قوى “الأثير” الخارقة التي اكتسبها (أكيتو) من (كاي كاي) عن طريق التلويح بأصابعه بشكل رائع. تلك القوى تمثل عناصر الطبيعة: الرياح، الماء، والنار. قوى “الأثير” محدودة ويظهر عددها في الجانب الأيمن السفلي من الشاشة، ويمكن زيادته عن طريق تدمير الأغراض التي اندمجت مع العالم السفلي المنتشرة في الأرجاء. هناك أيضًا الطلاسم التي تُستخدم في: إضعاف جواهر الأعداء، صعقهم، تشتيتهم، وحجب الرؤية عنهم. يمكنك أيضًا صد هجمات الأعداء، وعند إتمام تصدي مثالي تزداد نقاط صحتك.
عند إضعاف الأعداء يظهر جوهرهم حتى يصبح مكشوفًا بالكامل، وهنا يمكن الاستمرار في استخدام قوى “الأثير” لقتلهم أو يمكن انتزاع جواهرهم مباشرةً باستخدام أحبال سحرية متوهجة.
4- تقدم Ghostwire: Tokyo شجرة مهارات متفرعة لثلاثة أقسام رئيسية: القدرات، النسيج الأثيري، والمعدات. كل منها تختص بتطوير مهارات تجعل المعارك والاستكشاف أكثر سهولة وتوافقًا مع المستويات العليا التي تصل إليها، فمثلًا يمكنك زيادة مدة التحليق في الهواء ومدى الرؤية الطيفية، بالإضافة إلى زيادة قوة تأثير قوى الأثير، باستخدام نقاط المهارة وعناصر “الماغاتاما”.
5- أرواح الكثيرين -بالتحديد 200 ألف شخص- تبقى معلقة في الأجواء بعدما اُنتزعت من أجسادها إثر الكارثة التي حلت على المدينة. يمكنك استخلاص الأرواح باستخدام “الكاتشيرو” التي تتحصل عليها منذ البداية ثم إنقاذها لبر الأمان من خلال الهواتف العمومية لتحصل على عدد من عملات “الميكا” ونقاط الخبرة. كلما أنقذت المزيد من الأرواح حصلت على عملات ونقاط خبرة أكثر.
6- التسوق أصبح أكثر لطافة من ذي قبل، فبعد اختفاء البشر لم يعد هناك سوى القطط من كائنات “اليوكاي” لتدير المحلات! يمكنك التسوق للحصول على العديد من الأشياء: الطعام بمختلف أنواعه لاستعادة نقاط الصحة، أسهم للقوس، وطلاسم مختلفة الأنواع لاستخدامها في المعارك.
بالحديث عن القطط، فيمكنك العمل لدى قطة أيضًا! حيث أن قطط الـ “نيكوماتا” لديها أكشاك في مختلف أنحاء المدينة، وهي مستعدة تمامًا لشراء أغراض نادرة وقيّمة مقابل أسعار جيدة. تلك الأغراض تعثر عليها خلال استكشافك للمدينة، ويمكنك الذهاب للبحث عن غرض محدد تطلبه منك تلك القطط.
7- “الرؤية الطيفية” يمكن استخدامها لعمل مسح للمنطقة ورؤية الأشياء الخارقة للطبيعة، بما في ذلك: الزوار، بوابات “توري”، الآثار الروحية للكائنات غير البشرية، النقاط ذات اهتمام، والتحدث إلى الحيوانات. هي إضافة مميزة شبيهة بتلك الموجودة في ألعاب Hitman، فهي تتيح استخدام عنصر التسلل -بجانب بعض الطلاسم- بلا قيود في أحيان كثيرة.
8- يمكن استكشاف المدينة بطرق مختلفة عن السير والركض فحسب، فيمكن التشبث بكائنات “التينغو” الطائرة للوصول إلى نقاط مرتفعة، ومنها يمكن القفز والتحليق في الجو لعدد من الثواني. لا تقلق، لن تتضرر صحتك عند السقوط.
ما وجدته إيجابيًا خلال تجربتي لـ Ghostwire: Tokyo
- التطور الملحوظ والمنطقي في العلاقة بين (أكيتو) و(كاي كاي) نحو النهاية من أبرز العناصر الإيجابية القصة.
- استغلال (كاي كاي) كالأداة الأولى للتعريف بالعالم وتفاصيل ما يحدث تم بشكل رائع كما يجب.
- المعارك ممتعة للغاية! فعلى الرغم من أنها تصبح متكررة في بعض الأحيان المتقدمة من القصة، تظل ممتعة ولن تُصاب بالملل منها. هذا يرجع إلى روعة التحريك والانسيابية غير العادية فيه! من حركات الأصابع المختلفة التي تتغير وفقًا للقوى المستخدمة ونوع الضربات، وإلى جمال تأثيرات انتزاع جواهر الأعداء، كلها تجعل المعارك ممتعة بحق.
- التصور المذهل والدقيق لمدينة طوكيو مهجورة البشر مسكونة الأشباح. شوارعها الساكنة بشكل مريب وأزقتها الضيقة المخيفة، هذا بالإضافة إلى وجود ما يدل على أن البشر كانوا يسكنون هذه المناطق منذ ساعات قليلة، فستجد المذياع لا يزال يعمل في محلات ومشغلات الموسيقى لم تنطفئ.
- كلما استكشفت أكثر تعلمت عما كان يفكر به الناس قبل لحظات من وقوع الكارثة، فهناك الهواتف المٌلقاة والتي بها رسائل وملاحظات تحكي عن تغير الجو فجأة وظهور ضباب غريب، وكيف أن من كتب تلك الرسائل يطمئن على أهله وينصحهم بالتزام منازلهم. بشكل عام استكشاف العالم يكافئك بمعلومات تزيد من مدى صدق العالم واندماجك معه.
- تصميم المراحل التي تقع في أماكن متأثرة بالقوى الظلامية للعالم السفلي رائع للغاية، فستجد عناصر البيئة في تغير مستمر بشكل مدروس يجعلك تصاب بالتوتر في بعض الأحيان، خصوصًا إذا كنت تتبع أحدهم أو إذا كان الوقت ضيقًا. تلك المراحل تذكرني بلعبة Control كثيرًا.
- التأثيرات الصوتية والعنصر الصوتي بشكل عام مميز وتشعر أن كل صوت مناسب لما يصدر عنه تمامًا. بالإضافة إلى روعة الموسيقى المستوحاة من الثقافة اليابانية بامتياز، ومناسَبة كل منها لكل مناسبة تُلعب فيها. الموسيقى هنا تزيد من روعة التجربة بشكل ملحوظ، وليست مجرد عنصر ثانوي بها. ما أثار إعجابي كثيرًا بخصوص الموسيقى هو إمكانية تشغيل أي موسيقى خاصة باللعبة من اختيارك في أي مناسبة ولأي مدة من الوقت من قائمة مخصصة لها، كما في سلسلة Fallout. يا رجل لم أدرك كم احتياجي لهذه الميزة سوى بعد تجربتها في Ghostwire: Tokyo! هي حقًا تعطي للتجربة بُعدًا جديدًا وتزيد من تنوعها، وخصوصًا أن المقاطع الموسيقية في Ghostwire: Tokyo متنوعة ومميزة، على الرغم من أن عددها محدود.
- تمثيل الثقافة اليابانية القديمة في كل جانب من جوانب Ghostwire: Tokyo بشكل رائع، من الأضرحة وتماثيل للأساطير اليابانية، وحتى بعض الطقوس الخاصة بها التي تكافئك عنها اللعبة بنقاط الصحة وغيرها.
- اللعبة مترجمة للعربية بالكامل من النصوص والقوائم والحوارات. الترجمة مميزة وتنجح في نقل التجربة كاملة لنا كلاعبين عرب، وحتى الأمثال اليابانية تُرجمت إلى نظيرتها في اللغة العربية، فلا تحمل هَم اللغة كثيرًا إذا كانت الإنجليزية تشكل عائقًا لك في الألعاب القصصية. تعليقي الوحيد هو أن خط الترجمة ليس الخيار الأفضل.
وما وجدته سلبيًا
- القصة تثير الكثير من التساؤلات عند اللاعب منذ البداية، وذلك الفضول هو ما دفعني لاستكمال القصة بحماس وقلق في الوقت ذاته، فكم من ألعاب كثيرة تتميز بالبداية الحماسية والمشجعة ذاتها، فقط لتترك الكثير من التساؤلات دون إجابات واضحة أو تفسيرات منطقية في النهاية. للأسف، Ghostwire: Tokyo هي واحدة من تلك الألعاب، فليس هناك عددٌ من الأمور الهامة غير المفسرة فحسب، بل أن هناك بعض المغالطات الواضحة.
- بعض الشخصيات الجانبية التي تم تقديمها وتلعب دورًا مؤثرًا في مجريات الأحداث لم يتم عرضها والتعرف إليها كما يجب، سواءً من ناحية علاقتها مع أبطال قصتنا أو في معرفتها حق المعرفة، خصوصًا إن كان سيصيب تلك الشخصيات أمر من المفترض أن أتفاعل معه كلاعب. كنت أتمنى وجود المزيد من المشاهد
- المهمات الجانبية مملة وتكرارية بشكل لم يعد مقبولًا هذه الأيام ومن استوديو كبير كالمسؤول عن Ghostwire: Tokyo. مثلًا هناك مهمة جانبية حيث يُطلب من اللاعب الركض عدة أمتار -حرفيًا- للإمساك بطائر ما وانتهت المهمة! هناك مهمات أخرى طويلة بالطبع ولكنها ليست ذات صلة بالمهام الرئيسية إطلاقًا ولا تضيف شيئًا يُذكر إلى التجربة، كالبحث عن مجموعة من حيوانات “الراكون” المختفية!
- أسلوب اللعب يصبح تكراريًا بشكل قد يزعج البعض، فأنت تقوم بتنقية الأضرحة للتخلص من الضباب، محاربة بعض الأعداء، شراء المعدات، تطوير قدراتك بعد إكمال المهام، إنقاذ بعض الأرواح، وهكذا. التعزية الوحيدة التي دفعت عني الملل نسبيًا هي متعة المعارك كما ذكرنا، بالإضافة إلى الفضول التي تثيره القصة في مختلف مراحلها.
- على عكس البيئات الداخلية، تصميم البيئة الخارجية في مدينة طوكيو من شوارع وأزقة مخيب للآمال صراحةً، فما الهدف من وجود أماكن كثيرة لاستكشافها إذا كانت جميعها متشابهة بشكل كبير؟ وخصوصًا الأزقة، أكاد أجزم أن بعضها تم نسخه ولصقه مع تعديلات بسيطة في مناطق مختلفة من الخريطة! هذا الأمر أصابني بالحيرة كثيرًا وشعرت أنني أزور الأماكن نفسها.
- شجرة المهارات لا تضيف الكثير للتجربة، فليس بها مهارات تغير من أسلوب اللعب جذريًا مثلًا -عدا قدرة استدعاء كائنات التينغو فوريًا-، بل أنها تقتصر على زيادة قوة الهجمات أو زيادة ما يمكنك حمله من المواد الاستهلاكية وهكذا. كان من الممكن وجود مهارة تتيح دمج هجمات “الأثير” من عناصر مختلفة مثلًا، أو وجود أسهم من أنواع مختلفة قابلة للتطوير بدلًا من وجود نوع واحد.
- معارك الزعماء، وبالأخص المعركة الأخيرة، لا تشكل تحديًا كما المتوقع، وكان من المفترض أن تكون أكثر صعوبة حتى عند لعبها على المستوى العادي.
هل أنصحك بـ Ghostwire: Tokyo؟
على الرغم من وجود سلبيات بخصوص القصة وتصميم البيئات، تظل Ghostwire: Tokyo تجربة تستحق أن تخوضها، خصوصًا إذا كنت:
- مهتمًا بالثقافة اليابانية القديمة وأساطيرها.
- لا تهتم بتفاصيل القصة الدقيقة وتكتفي بوجود سياق درامي مشوق.
- تحب المعارك الممتعة المتوجة بالتحريك المميز والرائع.
- لا تمانع تكرارية أسلوب اللعب كما ذكرتها.
تصدر Ghostwire: Tokyo في 25 مارس الجاري عبر الحاسب الشخصي، وبشكل حصري لمدة عام واحد عبر PS5.
ملخص المراجعة
الرسوميات - 8.5
أسلوب اللعب والمعارك - 8
القصة - 7
العنصر الصوتي للتجربة - 9
تصميم العالم والبيئات - 7.5
8
ممتازة
Ghostwire: Tokyo كان ينقصها القليل لتصبح تجربة خرافية، حيث أنه بينما تتركز قوتها في المعارك وتنوع الأعداء بشكل مقبول، بالإضافة إلى الفضول الذي تثيره القصة لدى اللاعب، هو للأسف فضول لا يتم إشباعه كما يجب. أيضًا تصميم المراحل الخطية رائع ومن أهم عناصر التجربة، على عكس تصميم البيئات الخارجية للعالم.