مراجعة وتقييم لعبة Rise of the Ronin

لعبة Rise of the Ronin تذكرني حينما وضعت أقدامي للمرة الأولى في Ghost of Tsushima، لقد سحرتني اللعبة بطبيعتها وروعة عالمها وتركت نفسي للخيل يقودني بين الأشجار والمحاصيل الزراعية المبهجة يتخللها أزهار الكرز الشهيرة باليابان القديمة في ذلك الزمان.

كنت على وشك أن أختم هذه الرائعة للمرة الثانية عندما سُنحت لي الفرصة للحصول على جهاز PS5، ولكن عند الكشف عن مشروع Rise of the Ronin الطموح والذي يحمل في طياته تجربة شبيهة جداً للعبة Ghost of Tsushima، قررت أن أنتظر تلك اللعبة، خاصةً انها ستقدم أفكار جديدة ونكهة خاصة من المطور Team Ninja والذي قدم لنا في السابق عناوين مميزة مثل Nioh و Wo Long Fallen Dynasty.

هذا الاستوديو مختص في تطوير ألعاب تحاكي هذه الفترة الزمنية والتي لا أخفيكم سراً، من أكثر الحقبات المميزة بالنسبة لي وأكنُ لها الكثير من الإهتمام، دعونا نستكشف هذا العنوان الجديد الذي نجح في تسليط الأضواء عليه برسالة شديدة اللهجة يقول فيها انا هنا، حصرية PS5 الجديدة، جدير بأن أكون عنوان ناجح للمنصة! فهل كان كذلك؟

الفترة التاريخية لأحداث القصة

في آواخر القرن الـ17، دخلت اليابان في فترة من التدهور في جميع النواحي. كانت تحكمها في هذا الوقت مجموعة من الشوغونات، وهي كلمة يابانية تعني “جنرال”. كان لكل جنرال مجموعة من المقاتلين الأشداء يُعرفون بالساموراي، كانت اليابان تحت حكم شوغونية توكوغاوا التي طبقت سياسة الانغلاق والانعزال عن العالم، مما أدى إلى تخلفها كدولة إقتصادياً وأصبحت مطمع للكثير من الدول الاستعمارية، وفي عام 1853م تم تنفيذ هذه المطامع بالفعل من خلال حملة الجنرال الأمريكي ماثيو بيري على رأس أربع سفن بحرية ليُجبر اليابان بفتح الخطوط البحرية وإقامة العلاقات الدبلوماسية.

سُمي هذا الاستعمار بـ “بعثة بيري” لأنه لم يكن استعمار بالمعنى الحرفي للجميع في اليابان آنذاك، فـ كانت تشبه للحملة الفرنسية على مصر، البعض عندما شاهد الأسلحة والمعدات الحديثة أقتنع أن هذه البعثة ستجعل بلدهم في تطور وازدهار، والبعض الآخر كان يرى أن هذا يهدد حضارتهم وثقافتهم الأصلية، مما جعل اليابان تنقسم لشقين في هذا الوقت.

قصة اللعبة (بدون حرق) – رحلة تاريخية مميزة

تضعك اللعبة في أحداثها سريعاً دون أي مقدمات، لتبدأ مع توأم ذكر وأنثى تم تدريبهم من جانب منظمة سرية تدعى Veiled Edge، تجعلك اللعبة تتحكم في أحد التوأمين لتجد نفسك تقاتل جنود النظام المؤيد لهذا الانفتاح، وأثناء تلك الاشتباكات يتفرقا التوأمان وتبدأ رحلة بحث البطل الذي ستختاره عن توأمه، فيمكنك أن تختار البطل ذكر أم أنثى.

نجح المطور في نقل ثقافة اليابان في هذه الفترة بكل دقة وتفاني، الحوارات في اللعبة هي أولى مميزات القصة، فهي تعبر جداً عن ثقافة الشخصية التي تتحدث معها ومدى تأثرها بالثقافة الغربية ويمكنك أن تحدد إذا كان هذا الشخص مؤيد للانفتاح أم معارض، ولكن في الوقت نفسه يظهر أول عيب في قصة اللعبة وهو أن البطل صامت لا يتحدث، تذكرت هنا ألعاب مثل Mass Effect وأهمية أن تجعل بطل الرواية يتحدث، هذا أمر مفهوم نوعاً ما حيث تعتمد اللعبة على عنصر الـPlayer Agency وهو ببساطة جعلك انت كلاعب تضع صبغتك على القصة والأحداث، ولكن في الوقت نفسه عندما تظهر المشاهد السينمائية وتجد الجميع يحدث معك وأنت ليس لديك رد فعل، هنا تظهر المشكلة.

بما انها لعبة RPG أو تقمص أدوار بالأساس، فمن الطبيعي أن تقدم اللعبة خيارات في المهام الأساسية والفرعية، ورغم أن اللعبة نجحت في أن تضعني في حيرة مستمرة أثناء الاختيارات الأخلاقية، إلا انها للأسف لا تشكل أهمية كبيرة على أحداث القصة، رغم انها قصة سياسية مثل لعبة The Witcher 2 وكان من الممكن استغلال ذلك في إدارة صراعات على السلطة من خلف الستارة.

لم تكن المشاهد السينمائية مصدر قوة للعبة وهذا بسبب ضعف الإخراج وعدم التركيز عليه، ولكن في بعض المشاهد النادرة ستشعر انك تشاهد فيلم من أفلام المخرج الراحل أكيرا كوروساوا، ولكن هذا بسبب الأداء التمثيلي للشخصيات والحوارات ليس إلا.

أما عن الأحداث وتطورها، تتناول القصة فترة تاريخية ركزت في إبراز تعليق اجتماعي على سلوكيات وسياسات كانت منتشرة في هذه الفترة، وهذا كان سلاح ذو حدين، إما ستحب القصص الجانبية الغير متعلقة بالهدف الأساسي لأنك انغمست بعالم اللعبة وتفاصيله، أو ستجد انها استراحة من الأحداث مفروضة عليك والأمر غير مناسب لك، ولكن هذا لا يعني أن اللعبة ستستمر على هذا النهج طيلة الأحداث، لأن الربع الآخير منها تشتد القصة وتصل الأحداث لذروتها.

بشكل عام، لا تتوقع أن القصة ستجعلك متيم باللعبة خلال تجربة يمكن أن تصل لـ50 ساعة لعب، ولكن هناك أسباب عديدة أخرى يمكنها أن تعوض القصة.

أسلوب اللعب – مزيج مبهر من Ghost of Tsushima مع Nioh

كحال جميع الألعاب التي تركز على هذه الحقبة التاريخية، تميزت Rise of the Ronin بنظام قتالي مميز سيجعلك تدمن اللعبة، فهي Soulslike مثل سابقتها Wo Long: Fallen Dynasty، وعلى الرغم اني شعرت مؤخراً بالتشبع من هذا التصنيف الجانبي، إلا إن اللعبة نجحت في أن تجعله ينبض بالحياة مرة أخرى!

كالمعتاد، سلاحك الأقوى والأهم في اللعبة هو قدرتك على تصدي الضربات في اللحظة المناسبة، حيث يوجد شريط آخر غير شريط الحياة وهو مسؤول عن حالة المقاتل، وهذا الشريط عندك أيضاً ويجب أن تحافظ عليه! حالة المقاتل تُجبرك على أسلوب اللعب العدائي، يجب أن تكون هجومي وعنيف مع الأعداء.

كلما ركزت ضرباتك على العدو يندثر هذا الشريط إلى أن ينتهي تماماً ويفقد العدو الوعي لبضعة ثواني يمكنك تنفيذ Exection فيه وتطير رأسه أو تشقه نصفين، نعم .. اللعبة عنيفة جداً ولا أتذكر كم الأشلاء التي تطايرت مني أثناء رحلتي في اللعبة.

إذا أتقنت هذا النظام يمكنك التغلب على أعتى المحاربين، ولكن يجب أن تعلم انه كحال ألعاب السولز كلايك، أثناء تعلمك ستخسر كثيراً، فاللعبة ليست سهلة! مع العلم انه عندما تخسر، يسرق منك القاتل نقاط الـKarma التي حصلت عليها، ويحتفظ بها إلى أن تعود إليه وتنتزعها منه، إذا هُزمت مرة أخرى، تضيع عليك نهائياً كل النقاط، والـKarma هنا شبيهة بنظام الـXP وتستخدمها في تطوير شجرة مهاراتك، والتي تنقسم لأربع فروع أساسية، القوة (Strength) المسؤولة عن مهاراتك القتالية وقدرتك على تحمل الضربات، و Dexterity المسؤولة عن أدواتك وتحسينها، و Charm المسؤولة عن مهاراتك الاجتماعية وقدرتك في التلاعب بالحوارات وتحسين علاقتك بالشخصيات، وأخيراً Intellect المسؤولة عن تطوير أدواتك و معداتك.

بالرجوع إلى أسلوب اللعب العنيف الدموي، تميزت اللعبة بأساليب لعب متنوعة تسمى بالـCombat Styles، وينقسموا إلى 8 أنواع مختلفين، ولكن ستبدأ اللعبة بثلاث فقط.

لكل أسلوب قتال طريقة مختلفة في استخدام الأسلحة، مثل نظام الـStances في Ghost of Tsushima، ولكن المميز هنا أن الأعداء يجبروك على التنويع بين تلك الـStyles، فالبعض يكون ضعيف ضد Style معين ولا يتأثر كثيراً بـStyle آخر، لتجد نفسك تخلق تناغم جميل يجعلك في حالة من الإدمان مع الأنظمة القتالية في اللعبة.

اللعبة ليست أكشن صرف، لأن يمكنك الاعتماد على أسلوب التخفي في إنهاء العديد من المهام، ولكن هنا تظهر بعض المشاكل.

أولها هي أن الطعن من الخلف لا يقتل مباشرةً إلا إذا كان الليفل الخاص بك قريب جداً من ليفل العدو، انني فقدت القدرة على العد المرات التي حاولت فيها اغتيال شخص ما لأجد نفسي مجرد أضعفه ليس إلا، أم عن الأدوات التي تبدأ بها عندما تختار التخفي عوضاً عن القتال المباشر، فهي ليست كافية لجعلك الاستغناء عن النظام القتالي المميز للعبة، وغير ذلك يظهر أول عيب غير منطقي في الذكاء الاصطناعي وهو انك إذا قمت بإغتيال شخص ما وبجواره شخص آخر يبعد عنه بمسافة 10 أمتار فقط، لن يسمعك وهذا أمر مفهوم، ولكن إذا كشف وحاربته، لن يسمعك الشخص الثاني أيضاً وكأنه يخبرك بأن “هنا كل واحد في هاله”.

هذا الأمر خرب عليا متعة الانغماس أثناء الهجوم على الـOutposts. مما جعلني في النهاية أتجاهل أن هناك باللعبة نظام تخفي، وأكتفي فقط بالاستمتاع بالمبارزة وتقطيع الأشلاء.

يوجد في اللعبة أسلحة للقتال من على بعد مثل القوس والسهم والأسلحة النارية مثل البنادق والمسدسات، بالإضافة لذلك يمكنك استخدام الخطاف الذي تقفز بيه للشرفات وأسطح المنازل أثناء القتال من خلال إلقاء متفجرات وبراميل على الأعداء، واستخدام تلك الأشياء في اللعبة مهم جداً وشخصياً أنقذتني في العديد من المواقف. وبالحديث عن المواقف، قدمت اللعبة عدد مبالغ فيه من الزعماء، الأمر الذي قد يجده البعض من مميزات اللعبة، ولكنه في حقيقة الأمر لم يكن كذلك بل وقعت في فخ التكرار، رغم أن جميعهم قدموا معارك دامية ليس من السهل نسيانها، ولكن بما انها لعبة واقعية بطبيعة الحال، لم توفر تصميمات أو أنظمة قتالية مبتكرة لتلك الزعماء، وكان من الممكن تقليل عددهم حتى لا يصبح الأمر مكرر.

ولكن ماذا عن الأنشطة الجانبية والمهام الفرعية القصصية؟

تنقسم اللعبة لنوعين من المهام الفرعية، النوع الأول هو الـBond Missions وكان الأقرب للمهام الرئيسية، وذكرني كثيراً بمهام الـStrangers في لعبة Red Dead Redemption 2 من ناحية الجودة، فالبعض منها كان أفضل من المهام الأساسية! والنوع الثاني هو Grass Roots والذي يقدم قصص قصيرة تنتهي بإنهاء تلك المهام وليس لها أي تفرعات.

مهام الـBond Missions كانت حقاً رائعة، وجعلتني أستثمر جزء كبير من وقتي فيها لأنها كانت تكافئني خلال رحلتي في عالم اللعبة، ولكن للأسف في الوقت نفسه لم تقدم التنوع المطلوب في أسلوب اللعب، حيث تنحصر في البحث عن أشياء مفقودة (مهام Fetch Quests) ومهام تقاتل فيها مجموعة من قطاع الطرق أو مؤيدين للانفتاح.

تتيح لعبة Rise of the Ronin لنا الفرصة لخوض التجربة بشكل تعاوني مع شخص واحد أو حتى ثلاثة أشخاص! والمميز هنا انه لن تلعب مع أشخاص حقيقيين مهام فحسب، يمكنك أيضاً رؤيتهم يتجولون في عالم اللعبة، وأن تساعدهم في المعارك إذا رأيتهم يتعرضون للمضايقة من قبل اللصوص. لقد كانت لمسة لطيفة تجعلك تشعر وكأن تلك الشخصيات موجودة في عالمك حتى عندما لا تلعب معهم مباشرةً، وخلق أحداث عشوائية في العالم مثيرة ورائعة.

تقع لعبة Rise of the Ronin للأسف فريسة أمام فخ الـLoot الغير مفيد. في البداية تشعر بفرحة شديدة عندما تستحوذ على منطقة ما وترفع فيها علم الـVeiled Edge، ولكن مع الوقع تجد تكرارية مبالغ فيها في الدروع والأسلحة وأيضاً الأزياء التي تحصل عليها، من المرجح أن تنتهي بحمل العديد رغم انها مشكلة شائعة في ألعاب Team Ninja السابقة، ولكن كنت أود أن يتعلموا من أخطائهم، الجدير بالذكر بأنك يمكن أن تخفف هذا العيب إلى حد ما من خلال السماح لك بترقية الأسلحة والأدوات التي تفضلها أو تفكيك تلك التي لا تحبها للحصول على أجزاء تفيدك في الـCrafting.

الجرافيكس – كاد أن يكون سيئًا لولا الاتجاه الفني

عندما نتحدث عن الرسوميات والأداء التقني، يجب أن لا ننسى أمرين مهمين، القيمة الإنتاجية للعبة، والمحرك الذي قام المطور بتطوير اللعبة من خلاله.

قبل الحديث عن تجربتي يجب الذكر أنني لست الشخص الذي يهتم بالجرافيكس كثيراً، فهناك أشياء أهم بالنسبة لي في عالم الألعاب مثل أسلوب اللعب والقصة، يهمني فقط أن تكون اللعبة جميلة، فمن الممكن أن يعوض الإتجاه الفني ضعف اللعبة تقنياً، وهذا رأيته من قبل مع لعبة Neir Automata، بشكل عام لم تكن Rise of the Ronin لعبة قبيحة بالنسبة لي، كانت من الممكن أن تكون أفضل من ذلك بكثير خصوصاً وأننا نتحدث عن حصرية للـPS5 وسعرها 70$، ولكن الأمر برمته لم يذعجني.

تقدم اللعبة ثلاث أوضاع مختلفة في الإعدادات، التركيز على الرسوميات، أو الأداء، أو الـRay Tracing. للأسف، لم تبهرني الأوضاع الثلاثة في الاختبارات من الناحية الجمالية، وأنصح بتجربة اللعبة على وضع الأداء

يستهدف وضع الأداء 60 إطارًا في الثانية، ولكن ينخفض بانتظام عن ذلك في بعض المعارك (يبدو وكأنه 40 إطارًا في الثانية أو 50 إطارًا في أفضل الأحوال).

وضع Ray Tracing يخفض الدقة قليلاً، ولكنه يضيف Ray Tracing لعالم اللعبة ويجعل الإنعكاسات فيها أكثر واقعية وجمالاً. هذا هو أفضل وضع من الناحية المرئية، ولكن في الوقت نفسه يعاني من إضطراب في معدل الاطارات.

ألعاب Team Ninja ليست معروفة بإبهارها البصري، وعنوان Rise of the Ronin لم يشهد تطوراً في هذا الشق تحديداً، نعم هي ليست قبيحة، لكنها ليست بالقدر الذي أبهرتنا به لعبة Ghost of Tsushima من خلال مناظرها الساحرة وعالمها الفاتن.

الصوتيات

أهتمت اللعبة بجانب الصوتيات بشكل أبهرني حقاً، فعلى سبيل المثال صوت صليل السيوف في اللعبة وتقطيع الأشلاء من أمتع الأشياء التي قمت بتجربتها مؤخراً، ناهيك عن الأداء الصوتي وروعته، وحتى جودة الكتابة شهدت تطور كبير عن عناوين Team Ninja الأخيرة، وهذا أمر يستحق الإشادة به. كلا النسختين اللغويتين ممتازتان، شخصياً قضيت معظم وقتي بالنسخة اليابانية، ولكن النسخة الإنجليزية كانت رائعة أيضاً، والتي تم تنفيذها بتفاني وبأسلوب مميز، لن يعكر صفو الأداء الصوتي غير جودة تعابيير الوشوش التي في بعض الأحيان تشعر وكأنها عرائس تحرك رأسها! قدمت اللعبة أيضاً عدد لا بأس به من المقطوعات الموسيقية التي تناسب هذه الحقبة الزمنية.

هل أنصحك بـ Rise of the Ronin؟

الخلاصة أن لعبة Rise of the Ronin ببساطة تستحق الشراء إذا كنت ترغب في المزيد من Ghost of Tsushima، ولكن نأمل أن يتعلم استوديو Team Ninja من أخطائه ويركز عليها في مشاريعه القادمة.