مقالاتهواتف

هل اقتربت لحظة انهيار نظام Apple البيئي؟

لطالما كانت Apple شركة مميزة في كل ما تفعله وكل ما تُطوره وهو أمر لم يتغير منذ إطلاقها تقريبًا، يشعر البعض بحماسة شديدة عند امتلاكه لجهاز منقوش عليه رمز التُفاحة نظرًا لأنه مُتيقّن أنه على وشك خوض تجربة استخدام مميزة لن تُقدمها له العلامات التجارية الأخرى، ولكن لماذا؟ بعيدًا عن تميز الأجهزة في حد ذاتها من جانب المواصفات والهاردوير وسلاسة السوفت وير الرهيبة والتكامل الممتاز، نجحت آبل في تطوير منظومة تقنية داخلية صنعت الفارق بينها وبين باقي الشركات المُنافسة، نظام مُغلق يكفل لمُستخدم آبل وحده التمتع به واستخدامه مع مُلاك أجهزة آبل الأخرين فقط. الأمر أشبه أنك داخل جنة التفاحة التقنية إذا كنت محظوظًا بدرجة كافية لامتلاك جهاز آبل، وفي المقابل أنت منبوذ من تلك التجربة التقنية الفذّة إذا كنت تمتلك جهازًا آخر!

آبل تُريدك أن ترى نظامها البيئي بهذا الشكل

لا يُمكن إنكار أن النظام البيئي الذي يجمع بين جميع مُنتجات آبل هو إبداع تقني في الحقيقة بسبب التكامل الرهيب بين جميع الأجهزة: هواتف ذكية، أجهزة كمبيوتر محمولة، ساعات ذكية، سماعات لاسلكية والقائمة تطول. يتمتع المستخدم بحرية استخدام جميع الأجهزة سويًا في نفس الوقت لإتمام مهامه المختلفة في نظام بيئي مُخصص يكفل لجميع المستفيدين منه “خصوصية” لا مُتناهية وهي نقطة البيع الرئيسية التي تستخدمها Apple للتفوق على منافسيها وإقناع ملايين من المستخدمين سنويًا بالانضمام لقاعدة عملائها.

Apple

النموذج المُنغلق لنظام آبل البيئي هو هدية حقيقة لمستخدمي أجهزة الشركة ولكنه في المقابل حاجز حقيقي بين Apple والمجتمع التقني الخارجي. إذا كنت تمتلك جهاز أندرويد مثلًا فلا يُمكنك التمتع بمراسلة صديقك على iMessage أو إجراء مُكالمة فيديو على FaceTime أو تبادل الملفات عبر AirDrop، لن تقدر على استخدام ساعة ذكية رائعة للغاية مثل Apple Watch Series 7 على جهاز بخلاف آيفون وفي نفس الوقت لن تحصل على تجربة استخدام مثالية إذا قررت إقران أحد منتجات أندرويد على جهاز آبل.

يُمثل الإيكوسيستم الخاص بشركة Apple سجنًا مُشددًا كذلك للعملاء الداخليين في الكثير من الأحيان كذلك، عزيزي مستخدم آبل أنت لا تمتلك رفاهية التخلي عن الآبل ووتش أو الأيربودز، لا يُمكنك للأسف تجربة شاحن سريع من شاومي مثلًا أو مُساعد شخصي بخلاف Siri وإجمالًا لن تتمكن من خوض تجارب الاستخدام التشاركية التي يُمكن لملاك أجهزة أندرويد الانخراط بها. لذا لنصل سويًا لنتيجة مُشتركة: النظام البيئي لـ Apple هو بمثابة أصفاد مُحكمة على أيادي المستخدمين حتى ولو كان جيدًا في بعض الأحيان، والخاسر في النهاية هو المستخدم العادي الذي يتم حرمانه من التمتع بجميع الميزات التقنية بلا قيود ولكن أبشروا نظرًا لأن ذلك قد يتغير ذلك في المستقبل القريب.

الإتحاد الأوروبي يُجهز ضربة قوية لنظام آبل البيئي

يتمتع الاتحاد الأوروبي بسمعة راسخة في التعامل مع شركات التكنولوجيا الكبيرة، وغالبًا ما يتخذ إجراءات ترفض الولايات المتحدة اتخاذها لصالح حماية المستهلكين. يطبق الاتحاد الأوروبي الآن تشريعًا من شأنه أن يجبر Apple على التخلي عن النظام البيئي الصارم وفتح معظم خدماتها والبدء في التعامل بلُطف مع جميع فئات المستخدمين.

قد يتسبب مشروع القانون الذي يشق طريقه عبر الاتحاد الأوروبي في حدوث مشكلة كبيرة لشركة Apple ولكنه في المقابل يجلب تغييرات مُرحب بها لأي مُستخدم آخر بل يُنصفه بصورة كبيرة ويفتح له المجال لفك تلك القيود التقنية.

Apple ستضطر للتنازل عن الكثير!

Apple Ecosystem Cage

كجزء من التشريعات الجديدة التي يفرضها ذلك القانون، فإن إحدى أكبر أضلع النظام البيئي والتي ستضطر Apple إلى تغييرها هي iMessage. ينص التشريع على أن تجعل جميع الشركات تطبيقات المراسلة والمكالمات الصوتية ومؤتمرات الفيديو تعمل وتتكامل كُليًا مع الخدمات المنافسة. أصبحت الرسائل النصية نقطة إحباط متنامية لمستخدمي Android وiOS على حدٍ سواء، وذلك بفضل رفض Apple جعل خدمة iMessage تعمل مع Android. بموجب التشريع الجديد، قد تضطر الشركة أخيرًا إلى تغيير ذلك، بالإضافة إلى العمل مع WhatsApp وSignal وغيرها من الخدمات. وبالمثل، سيتعين على FaceTime العمل مع خدمات منافسة مثل Google Meet أو Zoom.

تشمل مسودة القانون الجديد الخاص بالاتحاد الأوروبي مادة خاصة بالمُتصفحات كذلك. تشتهر Apple بإجبار صانعي المُتصفحات الخارجية على استخدام أداة WebKit المُدمجة في iOS من أجل تطوير مُتصفحاتهم قبل طرحها على آبل ستور. نتيجة لذلك، فإن إصدارات iPhone وiPad من Firefox وBrave وChrome وOpera وEdge وغيرها هي مجرد واجهة للأداة التطويرية التي يستخدمها Safari. هذا يحد بشدة من مقدار الابتكار الذي يمكن لمطوري الطرف الثالث تقديمه لمستخدميهم. يحظر القانون الجديد هذا التقييد، مما يمنح المطورين حرية استخدام محرك المتصفح الذي يختارونه.

يتمثل التغيير الرئيسي الثالث الذي سيحققه القانون الجديد في إتاحة اختيار المساعدين الافتراضيين للمستخدمين. في حين أن العديد ينتهي بهم الأمر بتثبيت خيار آخر في وقت لاحق، فإن العديد من المستخدمين الآخرين ليس لديهم فكرة عن ذلك الاحتمال. بموجب القواعد الجديدة، سيُطلب من الشركات أن تقدم لمستخدميها حرية الاختيار عند إعداد جهاز جديد.

هناك العديد من الميزات الأخرى التي من شأنها أن تفيد المستخدمين، بما في ذلك فتح أنظمة الدفع داخل التطبيق، والسماح للعملاء بتحديد التطبيقات التي يريدون استخدامها أثناء الإعداد، ومنع الشركات من تفضيل تطبيقاتهم وخدماتهم على تطبيقات المنافسين.

تماشيًا مع تقليد الاتحاد الأوروبي في البحث عن مصالح المُستخدم وإعلاء قيمته التي تتأثر بسبب المعارك الشرسة بين جميع الشركات، فإن الفشل في الالتزام بمواد تلك القانون سيترتب عليه توقيع عقوبات شديدة على المُخالفين. يمكن تغريم الشركات بما يصل إلى 10٪ من مبيعاتها السنوية في جميع أنحاء العالم.

لن يدخل ذلك القانون حيز التنفيذ حتى شهر أكتوبر، ولن يُطبّق سوى داخل الاتحاد الأوروبي فقط للأسف، ولكن امتثال تلك الشركات لتلك الإجراءات قد يدفع جميع المُنظمات الإقليمية في باقي أنحاء العالم على ممارسة نفس الضغوط واللعب بورقة سنّ القوانين التشريعية من أجل إجبار الشركات المُصنعة على الالتزام بذلك أيضًا.

أنا وأنت وباقي المستخدمين نربح قضيتنا أخيرًا

في حين أن بعض الشركات قد ترى ذلك القانون كإجراء تعسفي ضدها ومُجحف وقاتل للإبداع والتطوير الداخلي، ألا أن الرابح الوحيد والذي تم سن ذلك القانون خصيصًا من أجله هو المستخدم العادي الذي سيتمكن أخيرًا من تجربة كل المميزات في العالم التقني ولن يأخذ في الاعتبار من بعد الآن اسم العلامة التجارية المنقوشة على جهازه. أحترم كثيرًا جميع المجهودات التي تبذلها كل شركة من أجل تطوير وتصميم تقنيات جديدة لمستخدميها تحت مُسمى خصوصية تجربة الاستخدام ولكن لماذا لا يُترك للمستخدم حرية الاختيار وتقرير ما يُريد استخدامه، لماذا لا يتم هدم جميع الأنظمة البيئة الرتيبة لجميع العلامات التجارية وبناء جسور تواصل تربط بين جميع المستخدمين بلا أي تفرقة؟

قد أكون فان بوي مُتعصب لـ Apple ومُحب جدًا بالنظام البيئي للشركة والتكامل الرهيب بين جميع الأجهزة والأنظمة، ولكني في المقابل لم أعجب يومًا بالقيود المفروضة حولي التي تمنعني عن مشاركة تلك المميزات مع المستخدمين الآخرين أو استخدام خاصتهم. مشروع قانون الاتحاد الأوروبي هو حبل النجاة بالتأكيد لجميع أطياف المستخدمين ومن المتوقع أن يكسر جميع القيود المُتعلقة بالنظام البيئي لآبل.

ختامًا

الحياة والحرية مُترادفان مُتلازمان بالتأكيد، لا يمكننا تجاهل حقيقة أن الإنسان المُخيّر وليس المُسيّر في فيض من الأجهزة الموجودة من حوله والتطبيقات وما إلى ذلك، العالم التقني في المقابل في تطور رهيب والإبداع في ذلك المجال لا حدود له على الإطلاق وبالتالي لا توجد حاجة لفرض قيود وأن تعيش كل شركة في سجنها الداخلي الذي صنعته بيدها.

قد تنزعج الشركات مثل Apple من قانون الاتحاد الأوروبي القادم في الطريق ولكنها ليست نهاية الأمر بالتأكيد، هناك مجالات أخرى للتنافس بين الشركات وبعضها مثل مواصفات الأجهزة وهي ساحة إبداعية لا تحكمها أي قوانين وكل شيء مُباح، افعلوا ما تريدون ولكن اتركوا للمستخدمين حرية اختيار التطبيقات والخدمات التي يريدونها ولا تجعلوا المستخدم مُكبلًا بالأصفاد التي يفرضها عليها جهازه والشركة المُصنعّة له.

Mohamed Hamed

عاشق للهواتف الذكية والتطبيقات والألعاب ومُلم بكل خبايا العالم السحري وفان بوي مُتعصب لآبل
زر الذهاب إلى الأعلى