مقالات

بمناسبة قدومها إلى الجيم باس: “It Takes Two” تحفة EA المظلومة

بمجرد إعلان خبر قدوم It Takes Two إلى خدمة الجيم باس الخاصة بـ Xbox والحاسب الشخصي، ارتسمت ابتسامتي لما تذكرته من تفاصيل هذه التجربة الخرافية. أخيرًا! أخيرًا هذه التحفة الفنية ستلقى بعضًا مما تستحقه من اهتمام وتقدير، وخصوصًا أنها تندرج تحت فئة لم تعد محط اهتمام وتركيز من الشركات الكبرى، ويأتي على حسابها الألعاب الخدمية التي تضمن أرباحًا أضخم للشركات.

في سلسلة “ترشيحات جيمز ميكس“، كنا قد رشحنا It Takes Two كأفضل لعبة تعاونية يمكنك خوضها مع شخصٍ آخر، لكنني هنا اليوم لأشارك معكم تفاصيل أكثر عن تلك التجربة، التجربة التي أعتبرها واحدة من أفضل التجارب -إن لم تكن أفضلها- التي خُضتها في عالم ألعاب الفيديو منذ أن تعرضت أول مرة لهذا العالم الساحر، وعلى أملٍ أنه مع نهاية هذا المقال ستتحمس -ولو قليلًا- لتشارك هذه التجربة مع صديقك أو أخيك، أو أي شخصٍ مقرب لديك.

المقال خالٍ من أي حرق لأحداث اللعبة.

it takes two

عالم It Takes Two: سحريٌّ مدهش

تبدأ أحداث اللعبة في منزل الزوجين “Cody” و “May”، حيث نعلم أنهما ليسا على وفاق، وأنهما على وشك الانفصال. الزوجان يتحولان بطريقة ما إلى لعبتين صغيرتين من القماش من صنع ابنتهما، بعد أن تمنّت الابنة ذلك، في محاولة يائسة وطفولية لجعل الوالدين يقعان في حب بعضهما مرة أخرى.

لاحقًا، يعلم الزوجان أنه من أجل أن يستعيدا جسديهما، عليهما حل الخلافات وتصفية الأمور بينهما، على أمل أن يقعا في حب بعضهما مرة أخرى. الكتاب الناطق، وهو كتاب مكسيكي سحري يرشدهما على مر الرحلة، يضعهما في تحديات ومغامرات سحرية مختلفة من أجل أن يستعيدا حبهما، فهل سيتمكنان من تحقيق ذلك والعودة لابنتهما؟ اللعبة بأكملها تدور في المنزل على مراحل مختلفة، فمرحلة تكون في غرفة الألعاب، ومرحلة في حديقة المنزل، وهكذا. بالطبع أنتما تلعبان كلعبتين صغيرتين، فالغرفة العادية ستبدو ضخمة وشاسعة.

قد تبدو القصة عادية، بل ساذجة وطفولية لبعض الناس، ولكن صدقني، على عكس المتعارف عليه في ألعاب الفيديو القصصية، اللعبة لا تتمحور حول القصة أو الهدف منها، بل في المغامرات الرائعة وجوانب اللعبة الإبداعية التي سنتناولها لاحقًا، فكما يُقال: “المتعة تكمن في الطريق، لا الوصول”، و It Takes Two هي خير دليل على صحة هذه المقولة.

تصميم المراحل.. إبداعٌ يُـدرَّس!

عامل القوة والأكثر إبهارًا، والذي ستلحظ روعته بسهولة مع بداية اللعبة: تصميم المراحل بكل تفاصيلها وجوانبها. التحدي هنا كان جعل الغرف الصغيرة أو الشجرة الموجودة في الحديقة، تبدو وكأنها عالم ضخم بالنسبة للاعب، وأن تكون به أشياء أخرى يتفاعل معها اللاعب حتى ينسى أصلًا أنه في غرفة صغيرة أو مساحة محدودة، فمثلًأ في مرحلة ما ستلعب داخل ساعة حائط، وستجد نفسك تتنقل بين تروسها وأجزائها المصممة بدقة شديدة، لكي تجعلك تندمج في عالمها وتنسى العالم الأصلي الكبير كما ذكرت.

it takes two

أما عن الأشياء التي تتفاعل معها في تلك العوالم، فهي مناسبة وملائمة تمامًا للعالم وحجمه، كما أنها في بعض الأحيان تكون جنونية وإبداعية، فمثلًا ساعة الحائط تصبح وحشًا ضخمًا مقارنةً بحجم الشخصية التي تتحكم بها، أو ألعاب ضفادع صغيرة تلعب دور سيارات أجرة لتسهل من تنقلك، وهو جانب آخر أبدع فيه المطورون: تشخيص الأشياء العادية والمملة -أي منحها الحياة وشخصية خاصة بكلٍ منها- لجعلها عامل مهم في إضفاء التنوع والإثارة على كل مرحلة تلعبها.

في رأيي أن هذا ما يجعل التجربة استثنائية، أن تستغل أشياءً بسيطة بأفكار خارج الصندوق، It Takes Two مبنية على تلك الأفكار والإبداعات، الإبداعات التي أقصدها أن تأخذ جذع شجرة وتبني عليه مرحلة كاملة، مرحلة مثالية من ناحية التصميم تقنيًا والتفاصيل التي تتوقع أن تراها إذا دخلت إلى ذلك المكان بهذا الحجم فعليًا، والمرح الوفير الذي يناله اللاعبان، كما أنها مثالية من ناحية المحتوى، فستشعر أن كل مرحلة لها حكاية منفصلة عن غيرها، ولكن بنفس الوقت تلك الحكايات مجتمعة تقود إلى الهدف من القصة الرئيسية.

كلمة السر: التنوُّع!

عادةً في هذا النوع من الألعاب تُعجب بأسلوب اللعبة وعالمها في البداية، ولكن مع مرور الوقت ينتابك الملل وتشعر أن الأشياء أصبحت مكررة، سواءً كان أسلوب اللعب ثابتٌ، أو المراحل متشابهة.

في الواقع هذا ما ظننته في بداية تجربتي لـ It Takes Two، أنها ستقع في ذلك الفخ، ولكن كم كنت سعيدًا عندما خاب ظني! في It Takes Two كل مرحلة تبدو وكأنها لعبة مختلفة، ليس عالمًا مختلفًا فقط، بل تبدو لعبة أخرى أصلًا! يرجع هذا إلى عاملين: تنوع تصميم المراحل بجميع تفاصيلها الجنونية وعناصرها التي يمكنك التفاعل معها، وتنوع أسلوب اللعب والإخراج! وبالإخراج هنا أقصد المنظور تلعب منه كلاعب، فهناك مراحل تلعب فيها من منظور الشخص الثالث، ومراحل أخرى يكون المنظور علوي -مثل لعبة League Of Legends-، وبالفعل تصميم كل مرحلة يتناسب تمامًا مع أسلوب اللعب والمنظور الذي تلعب منه، جاعلًا كل مرحلة تجربة مغايرة وممتعة بطريقة مختلفة، والجدير بالذكر أن جميع المراحل استثنائية ومميزة لأبعد الحدود، فلا تقلق من تذبذب مستوى التجربة من مرحلة إلى أخرى.

حتى لا ننسى، فهي تجربة مشتركة مع رفيقك قبل كل شيء

يجب أن أذكر أن اللعبة تضع ذلك في اعتبارها بشكلٍ يُحسب لها، فمع كل لغز، مع كل مغامرة أو مواجهة تخوضانها ضد كائنات أخرى في اللعبة، ستجد أنه من المستحيل إنجاز أي من هذه الأمور وحدك، وأنه في أغلب الأحيان سيتعين أن يحمي أحدكما الآخر. التعاون هو الأساس لكل خطوة وكل تقدم في It Takes Two، وأيضًا مع وجود بعض اللحظات الطريفة والمقالب التي يسهل أن ينصبها أحدكما للآخر؛ لذا أنصح أن تلعب مع شخصٍ مُـقرَّب حتى تخوضان التجربة كاملةً.

It Takes Two تبدع في إيصال تجربة تعافي زوجين بأفضل الطرق الممكنة، ولكن المذهل أنها أيضًا توطد علاقتك مع من تلعب، فتطور علاقة “Cody” و “May” ينعكس عليك أنت ورفيقك، وفي الواقع أن طرق تطور وتعافي تلك العلاقة واقعية ومنطقية للغاية، وقد يكون هذا هو السبب وراء أن التجانس والعلاقة المعقدة الواقعية بين الزوجين تنعكس عليكما كلاعبين.

باختصار.. تجربة متكاملة ممتعة لأبعد الحدود

It Takes Two هي تجربة مثالية حقًا، ومن الألعاب القليلة التي لم أستطع إيجاد أي أخطاء بها، بدءًا من فيزيائيات اللعبة، أسلوب اللعب المتنوع، الرسوميات الكرتونية المميزة، الأداء الصوتي والموسيقى التصويرية الرائعين، بناء الشخصيات والقصة المتماسكة، بناء أسلوب اللعب على التعاون، كلها أمور تم تنفيذها على أعلى طراز!

لو ظللت أكتب وأحكي عن روعة تجربة It Takes Two، أعلم أنني لن أوفيها حقَّـها، لذا أتمنى أن أكون قد استطعت نقل التجربة بكامل تفاصيلها دون أن أغفل عن جانب من الجوانب.

Seif Fayed

المدير السابق لقسم الألعاب بالموقع. مهتم أكثر بألعاب التصويب من منظور الشخص الأول. لعبة تصويب جيدة ذات قصة جذابة مكتوبة بإتقان هي الخلطة السحرية بالنسبة لي. أول لعبة جذبتني لألعاب التصويب كانت Black على PS2.
زر الذهاب إلى الأعلى