هل سبق لك أن توقفت لحظة داخل لعبة لتتأمل ضوء الشمس ينعكس على بركة ماء؟ أو لاحظت كيف تتحرك الظلال بدقة خلف شخصية اللعبة؟ هذه اللحظات لم تكن ممكنة لولا التقنيات المتقدمة التي طورتها شركات مثل NVIDIA. في السنوات الأخيرة، أصبحت الألعاب أكثر من مجرد تسلية؛ إنها نوافذ إلى عوالم شبه حقيقية؛ وما جعل هذا ممكنًا هو مزيج مذهل من تقنيات تتبع الأشعة “Ray Tracing” والذكاء الاصطناعي المتقدم عبر تقنية DLSS؛ والآن، مع الجيل الرابع من DLSS وبطاقات RTX 50 الجديدة، نحن أمام نقلة نوعية تتيح لنا اختبار تجارب لعب تفوق الخيال مثل Path Tracing الذي كان غير ممكنًا في السابق. إليكم مقالة: “DLSS وتتبع الأشعة: الثنائي المثالي للواقعية في الألعاب”.

تتبع الأشعة “Ray Tracing”: كيف ترى اللعبة كالعالم الحقيقي؟
تتبع الأشعة هو عدسة ذكية تتيح لمحرك اللعبة محاكاة سلوك الضوء بطريقة تحاكي العالم الحقيقي بدقة مذهلة. هذه التقنية تحسب كل شعاع ضوء وهو يرتد من سطح إلى آخر، ما يؤدي إلى ظلال ناعمة، وانعكاسات دقيقة، وإضاءة واقعية تندمج مع البيئة بشكل فوري. بدلًا من الظلال المسطحة أو الانعكاسات المزيفة التي تعتمدها الطرق التقليدية، يأتي تتبع الأشعة ليجعل كل سطح في اللعبة يتفاعل مع الضوء كما لو كان حقيقيًا.

تخيّل أنك تلعب لعبة رعب، تمرّ في ممر ضيق مظلم، والضوء يتسرّب من بين الألواح الخشبية، وتنعكس حركتك على برك الماء والأجسام اللامعة من حولك… هذه التفاصيل التي تُضفي واقعية سينمائية على المشهد، هي ما تحققه تقنية تتبع الأشعة.
في ألعاب مثل Assassin’s Creed Shadows، نلاحظ كيف تساهم هذه التقنية في بناء أجواء بصرية مدهشة. أشعة الشمس تمرّ عبر أوراق الأشجار، وتنعكس على دروع الساموراي والأرضيات المصقولة، بينما تتحرك الظلال بدقة مع تغيّر وقت اليوم. وفي الليل، تبعث الفوانيس وهجًا دافئًا ينعكس على الأسطح من حولها، ليمنح كل مشهد إحساسًا واقعيًا أقرب إلى المشاهد السينمائية.

لكن تتبع الأشعة لا يقتصر على الانعكاسات والظلال فقط، بل تطوّر ليشمل تقنية أكثر تقدمًا تُعرف باسم Path Tracing، وهي شكل شامل من تتبع الأشعة يُحاكي الضوء بدقة أعلى من خلال حساب تفاعلات متعددة لكل شعاع ضوء. هذه التقنية كانت تُستخدم سابقًا في صناعة الأفلام والمؤثرات البصرية، لكنها اليوم أصبحت ممكنة داخل الألعاب بفضل بطاقات RTX 50 وتقنيات DLSS 4.

مثال رائع على هذا التطوّر هو Alan Wake 2، حيث يُستخدم Path Tracing لتقديم أجواء ضبابية مشحونة بالتوتر. الضوء الصادر من المصباح يتفاعل مع الضباب، ويرتد عن الأسطح، ويُشكّل ظلالًا واقعية تتغير مع كل حركة.

وفي ألعاب العالم المفتوح مثل Cyberpunk 2077، نرى تتبع الأشعة في أبهى صوره: أضواء النيون تنعكس على برك المطر، والظلال تتبدل بدقة مع حركة السيارات والمارّة.
لكن لا يمكن تجاهل الجانب التقني الصعب: تفعيل تتبع الأشعة الكامل يُعدّ عبئًا ثقيلًا على المعالج الرسومي، ما قد يؤثر على عدد الإطارات وسلاسة الأداء، خاصة على الأجهزة القديمة. لذلك جاءت تقنية مثل DLSS 4 لتخفيف هذا العبء، حيث تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتوليد إطارات إضافية والمحافظة على جودة الصورة، مما يسمح بالاستمتاع بجمال تتبع الأشعة دون التضحية بالأداء.
DLSS 4: الذكاء الاصطناعي يصبح بطل الأداء
وهنا يدخل DLSS 4 ليغيّر قواعد اللعبة. بدلاً من أن تُرهق البطاقة الرسومية بحساب كل بكسل، تستخدم DLSS الذكاء الاصطناعي لتوليد صور بدقة عالية انطلاقًا من دقة أقل، مما يوفر الأداء مع الحفاظ على الجمال البصري. الإصدار الجديد DLSS 4 لا يكتفي بتحسين الصورة، بل يُضيف ما يُعرف بتقنية “توليد الإطارات المتعددة” وهي ببساطة أشبه بالحصول على ثلاث لقطات إضافية في كل ثانية دون جهد إضافي على البطاقة.
تخيل أنك تلعب لعبة سباق، والسيارة تنطلق بسرعات جنونية وسط الأمطار والانعكاسات على الأرض، ومع DLSS 4 تحصل على نعومة في الحركة لم تكن ممكنة سابقًا، وكأنك تشاهد فيلمًا حيًا.
كما أحد الابتكارات الذكية في DLSS 4 هو أن النموذج الجديد لا يستهلك نفس القدر من الذاكرة مثل الإصدارات السابقة. على سبيل المثال، في لعبة Warhammer 40,000: Darktide، تم تقليل استهلاك الذاكرة بمقدار 400 ميغابايت، مع زيادة الأداء بنسبة 10%.

فكّر في الأمر كما لو كنت تقود سيارة أقوى وأسرع من سابقتها، لكنها تستهلك وقودًا أقل. هذا هو DLSS 4 في جوهره: أكثر قوة، وأكثر كفاءة.
واحدة من أبرز القفزات في DLSS 4 هي استخدام نموذج AI يُعرف باسم Transformer نفس البنية التي تقوم عليها نماذج لغوية مثل ChatGPT. بدلًا من الاكتفاء بتحليل بكسلات مجاورة، يفهم هذا النموذج الإطار بأكمله، ويتتبعه على مدار الزمن، ليمنحك صورة أكثر استقرارًا وتفصيلًا. فمثلًا في لعبة مليئة بالحركة كـ Alan Wake 2، تختفي الظلال المتذبذبة على المراوح، وتبدو الأسوار المعدنية مستقرة مهما تحركت الكاميرا.

RTX 50: بنية Blackwell تفتح السرعة القصوى
جاءت بطاقات RTX 50 الجديدة لتكون السلاح المثالي لتقنية DLSS 4. ببنيتها المسماة Blackwell، ووجود أنوية تتبع أشعة من الجيل الرابع وأنوية Tensor من الجيل الخامس، تستطيع هذه البطاقات إنتاج أداء فائق.

ختامًا
مع كل هذه التطورات، من الصعب ألا نشعر بأننا دخلنا عصرًا جديدًا في عالم الألعاب. لم تعد الواقعية مجرد حلم، بل أصبحت خيارًا متاحًا. DLSS 4، بتقنياته الذكية ودعمه الواسع، يعيد تعريف ما تعنيه تجربة اللعب. ومع بطاقات RTX 50، أصبح المستقبل هنا، جاهزًا للتجربة.
إذا كنت من عشاق الألعاب أو تبحث عن تجربة تأخذك إلى قلب العالم الافتراضي بكل تفاصيله، فإن DLSS 4 وتتبعه للأشعة هما رفيقاك الأمثل في هذه الرحلة.