في إطار الجهود الحكومية لمكافحة التهريب وتنظيم سوق الهواتف المحمولة في مصر، أعلنت مصلحة الجمارك المصرية أن تم اليوم تطبيق القرار الجديد لعملية تسجيل الهواتف المحمولة المستوردة عبر تطبيق “تليفوني” (Telephony). يعد هذا التطبيق خطوة مهمة نحو تحسين الحوكمة الإلكترونية وضمان استيفاء الرسوم الجمركية على الأجهزة المستوردة. التطبيق، الذي يستهدف المسافرين والمقيمين على حد سواء، يتيح تسجيل الهواتف المحمولة بطريقة سهلة وآمنة، وهو متاح لنظامي التشغيل “أندرويد” و”iOS”.
خلفية إطلاق التطبيق وأهدافه
تأتي هذه المبادرة استجابة لتفاقم ظاهرة تهريب الهواتف المحمولة إلى السوق المصرية، حيث صرح شريف الكيلاني، نائب وزير المالية للسياسات الضريبية، بأن 95% من الهواتف المستوردة تدخل البلاد بطرق غير قانونية. يُقدر حجم الخسائر الناتجة عن هذا التهريب بحوالي 60 مليار جنيه سنويًا، وهو ما يشكل عبئًا هائلًا على الخزانة العامة.
التطبيق الذي يتوفر على منصتي “أندرويد” و”iOS”، يستهدف تسهيل عملية تسجيل الهواتف المحمولة المستوردة، سواء بصحبة المسافرين العائدين إلى البلاد أو السائحين المقيمين لفترة تزيد عن 90 يومًا. عملية التسجيل تتسم بالبساطة، إذ يمكن لأي شخص تحميل التطبيق من متجر التطبيقات المناسب لجهازه، ثم إدخال بياناته الشخصية لإنشاء حساب جديد. ما يضمن تأكيد هوية المستخدم والتحقق من قانونية الجهاز الذي بحوزته.
كيفية استخدام تطبيق “تليفوني”
عند استخدام تطبيق “تليفوني” لأول مرة، يُطلب من المستخدم إدخال بياناته الشخصية لإنشاء حساب جديد. تتضمن هذه البيانات رقم جواز السفر ورقم الهاتف المحمول. بعد إتمام التسجيل، يتم توجيه المستخدم لتسجيل هاتفه عن طريق مسح الرقم التسلسلي المعروف باسم IMEI، وهو رمز تعريف عالمي فريد يُخصص لكل جهاز محمول.
يمكن للمستخدم العثور على الرقم التسلسلي IMEI بسهولة بعدة طرق، منها فحص علبة الهاتف الأصلية، أو التوجه إلى قسم “حول الهاتف” (About Phone) ضمن إعدادات الجهاز. كما يمكن معرفة الرقم مباشرة عبر إدخال الكود التالي في واجهة الاتصال: *#06#.
ومع ذلك، يتميز التطبيق بإمكانية التحقق من وضع الجهاز الجمركي دون الحاجة إلى تسجيله أولاً. يكفي أن يُدخل المستخدم الرقم التسلسلي IMEI ليتمكن من معرفة ما إذا كان الجهاز خاضعًا للرسوم الجمركية أم معفى منها.
رقم IMEI ليس مجرد وسيلة للتعريف بالجهاز، بل يلعب دورًا محوريًا في ضمان قانونيته. يتم تسجيل الرقم تلقائيًا لدى مزودي خدمات المحمول عند اتصال الجهاز لأول مرة بشبكات الاتصالات داخل مصر. وتجدر الإشارة إلى أن الأجهزة المزودة بشريحتي اتصال “Dual SIM” أو الشرائح الافتراضية (eSIM) تمتلك رقم IMEI مستقلًا لكل شريحة.
لحفظ السجلات وضمان الامتثال للقوانين، يحتفظ مزودو خدمات المحمول بسجل يُعرف باسم “EIR”وهي أختصار لـ “Equipment Identity Register”، والذي يحدد الأجهزة المصرح لها بالاتصال بالشبكة، ويُستخدم هذا النظام للتحقق من أن الهواتف المتصلة بالشبكات قد تم تسجيلها ودفع الرسوم الجمركية المستحقة عليها.
الخدمات التي يقدمها التطبيق
التطبيق لا يقتصر على تسجيل الهواتف ودفع الرسوم فقط، بل يوفر إمكانية تقديم طلب إعفاء جمركي على جهاز واحد للمسافرين القادمين من الخارج. يُمكن للمستخدمين الذين يثبتون أن الهاتف للاستخدام الشخصي فقط التقدم بهذا الطلب عبر التطبيق، ما يعفيهم من دفع الرسوم الجمركية. علاوة على ذلك، يتيح التطبيق للمستخدمين متابعة حالة طلباتهم مباشرة من خلال قسم “طلباتي”، حيث تظهر التحديثات المتعلقة بحالة الإعفاء أو التسجيل.
كما يتيح خيارات دفع إلكترونية متنوعة، تشمل بطاقات الائتمان والمحافظ الإلكترونية. ما يسهل العملية على المستخدمين ويقلل من التفاعل المباشر مع موظفي الجمارك؛ ومن المتوقع أن يُحدث هذا التطبيق نقلة نوعية في تنظيم سوق الهواتف المحمولة بمصر.
دور الحكومة في دعم السوق المحلية
وفقًا للآليات الجديدة، فإن أي جهاز محمول تم تفعيله قبل الأول من يناير 2025 يُعتبر معفيًا من الرسوم الجمركية، بينما ستُفرض الرسوم على الأجهزة الجديدة التي يتم تفعيلها لاحقًا. هذا النظام يُطبق بصرامة على أي هاتف جديد يُدخل إلى السوق المصرية، حيث يصبح التسجيل ودفع الرسوم أمرًا إلزاميًا لضمان عمل الجهاز على شبكات المحمول المحلية. أما بالنسبة للسائحين، فقد حددت الحكومة فترة سماح تصل إلى 90 يومًا، يمكنهم خلالها استخدام شبكات المحمول المحلية دون دفع رسوم، ولكن مع انقضاء هذه المدة يصبح الدفع إلزاميًا إذا استمروا في استخدام الشبكات المصرية.
تأثير هذه الخطوة يمتد إلى العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. فمن المتوقع أن يسهم التطبيق في تنظيم سوق الهواتف المحمولة من خلال منع تداول الأجهزة المقلدة وغير المطابقة للمواصفات. كما سيؤدي إلى رفع أسعار الهواتف المستوردة بسبب الرسوم المفروضة، مما قد يشجع على زيادة الطلب على الهواتف المصنعة محليًا؛ وفي هذا السياق، أكدت الحكومة دعمها للشركات الدولية التي بدأت بالفعل في تصنيع الهواتف المحمولة داخل مصر، ما يوفر للمستهلكين خيارات بأسعار تنافسية وجودة عالية، ويعزز من فرص التصدير.
الحكومة المصرية أوضحت أن هذه المنظومة الإلكترونية الجديدة ليست مجرد إجراء إداري، بل هي جزء من رؤية شاملة لتعزيز الشفافية ومكافحة الممارسات غير القانونية. كما أشارت إلى أن النظام لا يطبق بأثر رجعي، وبالتالي فإن الهواتف المشتراة محليًا أو المستوردة التي تم تفعيلها قبل يناير 2025 ليست خاضعة لهذه الإجراءات.