نظرًا للأجواء الحارة التي نعيشها هذه الأيام، حيث تجاوزت درجات الحرارة في بعض المناطق 39 درجة مئوية، أصبح من الضروري الحديث عن أحد أهم عناصر الحفاظ على سلامة جهاز الكمبيوتر: التبريد الصحيح. فالحرارة الزائدة لا تؤثر فقط على أداء الجهاز بل قد تؤدي إلى تلف بعض مكوناته الحساسة مع الوقت، خاصة أثناء تشغيل الألعاب أو البرامج الثقيلة. لذلك دعونا نستعرض في هذه المقالة كيفية تبريد جهاز الـPC بطريقة فعّالة ونتعرف على أنواع أنظمة التبريد المختلفة، وأهمية طريقة تركيب المراوح، وأشياء أخرى ربما لا ينتبه لها الكثيرون.
التبريد: لماذا هو مهم؟
الحرارة هي العدو الأول لأي نظام إلكتروني والكمبيوتر ليس استثناء. أثناء العمل تنتج مكونات الجهاز حرارة ناتجة عن استهلاك الكهرباء وعلى رأسها المعالج CPU وبطاقة الرسوميات GPU واللوحة الأم. إذا لم يتم تبديد هذه الحرارة بشكل صحيح، سيبدأ الجهاز في تقليل الأداء تلقائيًا عن طريق ما يسمى بـ Thermal Throttling للحفاظ على نفسه من التلف، وقد يُغلق فجأة لحماية المكونات. لذلك، فإن نظام التبريد السليم يضمن استمرار الجهاز في العمل بكفاءة عالية حتى في ظل الأجواء الحارة.
أنواع أنظمة التبريد في أجهزة الكمبيوتر
يوجد نوعان رئيسيان من أنظمة التبريد المستخدمة في أجهزة الـPC: التبريد الهوائي والتبريد المائي. كل نوع له مميزاته وعيوبه، ويُستخدم حسب الحاجة والميزانية وطبيعة الاستخدام.
- أولاً: التبريد الهوائي (Air Cooling)
وهو الأكثر شيوعًا في الأجهزة المنزلية والمكتبية، ويعتمد على مراوح ومشتتات حرارية معدنية تقوم بتبديد الحرارة الناتجة عن المعالج أو بطاقة الرسوميات. من مميزاته أنه أقل تكلفة وأسهل في التركيب، ولا يحتاج إلى صيانة معقدة. لكن في المقابل، كفاءته قد تكون محدودة في البيئات الحارة أو في الأجهزة ذات الأداء العالي.
- ثانيًا: التبريد المائي (Liquid Cooling)
يعتمد على تمرير سائل داخل الأنابيب عبر أنابيب ومشتتات حرارية لتبريد المعالج أو البطاقة الرسومية. يتكون السائل من الماء المقطر ويُفضّل خلطه بمواد مضافة مانعة للتآكل والتجمد للحفاظ على عمر المكونات ومنع تكوّن الطحالب أو الرواسب. يُعد التبريد المائي أكثر كفاءة من الهوائي، ويُستخدم عادةً في الحواسيب المخصصة للألعاب أو التصميم ثلاثي الأبعاد. إلا أنه أكثر تكلفة، ويحتاج إلى صيانة دورية وتأكد من عدم وجود تسريبات.
أهمية تدفق الهواء داخل الكيسة
من الأخطاء الشائعة لدى الكثير من المستخدمين عدم التفكير في تدفق الهواء داخل الكيسة. تركيب أقوى مشتت للمعالج لن يفيد كثيرًا إذا كان الهواء الساخن لا يجد طريقًا للخروج، أو لا يوجد هواء بارد يدخل من الأساس.
لهذا السبب، يجب أن تكون هناك مراوح مدخلة للهواء Intake Fans في الجزء الأمامي أو السفلي من الكيسة، ومراوح لطرد الهواء الساخن Exhaust Fans في الخلف أو الأعلى. هذه المراوح تعمل بتناغم لتكوين دورة هوائية تُدخل هواءً بارداً وتُخرج الهواء الساخن.
الأفضل دائمًا أن تكون مراوح السحب مزودة بفلتر للغبار، ويجب تنظيف هذا الفلتر دوريًا حتى لا يتحول إلى عازل يمنع دخول الهواء، خصوصًا في الأجواء المغبرة.
ترتيب الكابلات وتأثيره على التبريد
يظن البعض أن ترتيب الكابلات داخل الكيسة هو مسألة جمالية فقط، لكن الواقع أن الكابلات العشوائية تمنع مرور الهواء بشكل سلس، ما يخلق نقاط حرارة داخل الجهاز. لذلك، من المهم ترتيب الأسلاك بشكل منظم وتمريرها خلف اللوحة الأم إن أمكن، وهو ما يسمى بـcable management. الكيسات الحديثة توفر فتحات خاصة لهذا الغرض، فاحرص على استغلالها.
الحرارة في الصيف: ماذا تفعل لتقليلها؟
إلى جانب الاعتماد على نظام تبريد قوي، هناك خطوات بسيطة يمكنها أن تساعدك كثيرًا، مثل:
- وضع الجهاز في مكان جيد التهوية، وتجنب زوايا الغرف أو الأماكن المغلقة.
- استخدام مروحة خارجية موجهة نحو الكيسة في حال لم يكن لديك مراوح كافية.
- فتح الكيسة مؤقتًا في حال لاحظت ارتفاع الحرارة وكان الجو شديد السخونة.
- تنظيف المراوح والمشتتات دوريًا من الأتربة، فطبقة واحدة من الغبار قد تعزل التبريد تمامًا.
- تقليل الأداء مؤقتًا من إعدادات BIOS أو برامج كسر السرعة في الأيام شديدة الحرارة لكن توخى الحذر.
هل يُنصح بتغيير المعجون الحراري؟
بالتأكيد. المعجون الحراري Thermal Paste هو المادة التي توضع بين المعالج والمشتت لتسهيل نقل الحرارة، ومع مرور الوقت يجف ويفقد فاعليته. يُنصح بتغييره كل سنة إلى سنتين، خاصة إن كنت تستخدم جهازك في ألعاب أو برامج شاقة.
مهما كانت مواصفات جهازك قوية، فإن الحرارة قد تُضعف أداءه وتُقصر عمره إذا لم تهتم بتبريده بشكل صحيح. ومع الأجواء الصيفية الحارقة، أصبح من الضروري أن تُعيد النظر في نظام التبريد لديك، سواء كنت تعتمد على التبريد الهوائي أو المائي، وأن تتأكد من تدفق الهواء الجيد، وتنظيف الجهاز دوريًا. استثمر قليلًا في تحسين التبريد، وستلاحظ فرقًا كبيرًا في الأداء والاستقرار، خاصة في فصل الصيف.
