لا يهم من تكون، فمن المحتمل أنك تعرف لارا كروفت. إما من سلسلة ألعاب الفيديو Tomb Raider الأكثر مبيعًا، أو من أفلام أنجلينا جولي، أو ربما حتى من سكنات لارا في ألعاب أخرى ليست لها علاقة بـTomb Raider.
مرت 25 عامًا منذ أن ظهرت لارا كروفت لأول مرة على شاشاتنا، حيث ظهرت لأول مرة في لعبة Tomb Raider عام 1996 على بلايستيشن و ساتورن و الكمبيوتر الشخصي. ومنذ ذلك الحين، سافرت لارا حول العالم، وتجسدت من قبل أنجلينا جولي و أليشا فيكاندر في الأفلام، وزينت مئات أغلفة المجلات. وفي هذه المقالة سنتعرف سوياً عن تاريخ Tomb Raider.
البداية من بريطانيا
تعود فكرة Tomb Raider إلى عام 1994 في Core Design، وهو استوديو تطوير ألعاب بريطاني. كان من بين الأشخاص المشاركين في إنشائها توبى جارد، الذي كان المسؤول بشكل رئيسي عن إنشاء شخصية لارا كروفت. في البداية، كان جارد يخطط لتصميم الشخصية كرجل، لكن جيريمي هيث-سميث، أحد مؤسسي الشركة، كان قلقًا من أن يتم اعتبار الشخصية نسخة مقلدة من إنديانا جونز، لذلك قرر جارد تغيير جنس الشخصية. مر تصميم لارا بعدة تعديلات خلال مراحل التطوير المبكرة.
تم أصدار Tomb Raider الأولى عام 1996 على بلايستيشن و سيجا ساتورن وقد أحدثت ضجة كبيرة في العالم. حيث سيطرت شخصية لارا وجسدها الغير متوازنة على ملايين اللاعبين. كان لـ Tomb Raider لمسة من لعبة Prince of Persia في تنقلاتها الدقيقة، بينما كانت طريقة إطلاق النار جديدة تمامًا في عصر الـ 32 بت. لم يكن أحد يتوقع أن تلتقط هذه السيدة الشابة والأنيقة جمهورًا واسعًا. بالتأكيد لم يكن مبدع اللعبة توبى جارد يتوقع ذلك. ربما لأن لارا كانت تؤسس للاعبين في عالم أكثر واقعية – باستثناء الديناصور القاتل T-Rex والمقابر التي لا تنتهي. كان التحكم في لارا ممتعًا؛ وكان مختلفًا.
نجاح ضخم للجزء الثاني
أثبتت اللعبة نجاحًا تجاريًا غير متوقع، مما ساعد في تحسين الوضع المالي لشركة إيدوس في تلك الفترة. بعد نجاح Tomb Raider، بدأ العمل على الجزء الثاني. لم يعد جارد يتمتع بالتحكم الإبداعي الكامل، وذكرت فرق التطوير أنه كان محبطًا ومكتئبًا من استخدام جاذبية لارا الجنسية في التسويق. غادر جارد Core Design في عام 1997 لتأسيس شركته الخاصة لتطوير الألعاب، وتم استبداله بـ ستيوارت أتكينسون.
حقق Tomb Raider II نجاحًا تجاريًا أكبر من الجزء الأول، ولكن فريق التطوير كان مرهقًا بعد إطلاق اللعبة بسبب سياسة العمل الشديدة في Core Design. تم إطلاق الجزء الثاني في عام 1997 وتفوق على مبيعات اللعبة الأصلية. في هذه المرة، لم تظهر اللعبة على سيجا ساتورن حيث كانت الناشر إيدوس قد أبرم اتفاقية حصرية مع سوني. لأن الأخيرة كانت سوني تبحث عن رموز (mascots) لجهازها، جربوا شخصيات مثل رايمان و كراش بانديكوت، ولكنهم لم يختاروا سيدة من إنجلترا.
قرارات غبية من إيدوس
كان التصور للسلسلة في أواخر عام 1997 يتضمن إضافة توسعة للجزء الثاني بعنوان The Further Adventures of Lara Croft، تليها Tomb Raider III، على أن تُصدر بعد عامين أو ثلاثة لجهاز PlayStation 2. كانت إيدوس تدعم هذا الاتجاه في البداية، ولكنها أصبحت مدفوعة برغبتها في إصدار ألعاب Tomb Raider سنويًا. دفعهم هذا إلى إنشاء فريق ثاني لتحويل توسعة The Further Adventures إلي Tomb Raider III في الوقت الفاصل. لم يتم التواصل مع الفريق الأصلي بشأن هذا القرار، وعلموا به فقط عندما تم الإعلان عن Tomb Raider III كعنوان لعام 1998 لجهاز PlayStation الأصلي. كانوا مرهقين وانسحبوا من مشروع PlayStation 2 ردًا على ذلك، والذي تم إلغاؤه قريبًا. لم يعمل الفريق الأصلي مجددًا على السلسلة بعد ذلك، وعمل الفريق الأصلي فيما بعد على مشروع Project Eden.
في المستقبل، سيتولى فريق Tomb Raider III الجديد قيادة السلسلة. كان الفريق قد تم تجميعه من مطورين آخرين في Core Design وكان في الأساس فريقًا جديدًا بالكامل. مع رؤية إيدوس الجديدة للسلسلة، كانوا يهدفون إلى إصدار ألعاب سنوية. كانت سياسة Core Design في ذلك الوقت تنطوي على فترات ضغط شديدة استمرت لسنوات، مما أدى إلى إجهاد الفريق الثاني في النهاية بنفس الطريقة التي حدثت مع الفريق الأول. لهذا السبب، ومع شعورهم أنهم استنفدوا إمكانيات السلسلة، حاول الفريق القضاء على لارا في نهاية اللعبة الرابعة Revelations الذي أصدر عام 1999.
لكن إيدوس أصرت على استمرار السلسلة، لذلك تم تطوير Chronicles بواسطة نفس الفريق الجديد بينما كان هناك فريق إضافي ثالث يعمل على التحضيرات للانتقال إلى PlayStation 2 مع The Angel of Darkness.
إنهيار سلسلة Tomb Raider
كان الفريق الذي يعمل Chronicles غير راضٍ عن إجبارهم على الاستمرار في السلسلة، وأستنفذ كل أفكاره. وتم أصدار اللعبة في عام 2000، وللأسف تم استقبال اللعبة بشكل سيء، حيث اقترح المراجعون أن السلسلة أصبحت مملة ومتكررة. في هذه الفترة، تم تطوير العديد من الألعاب المحمولة من قبل Core Design ومطورين طرف ثالث.
بدأت إنتاج The Angel of Darkness في مواجهة مشاكل منذ البداية، حيث كان الفريق يريد إنشاء لعبة أكبر لمنافسة ألعاب action-adventure المعاصرة. عندما عاد فريق Chronicles للعمل على The Angel of Darkness، اكتشفوا أن الإنتاج قد “خرج عن المسار”، حيث تم إلغاء المشروع وإعادة بدء العمل عليه مرة أخرى. تحت ضغط من إيدوس ، كان من الضروري قطع بعض أجزاء اللعبة لكي يتم أصدارها في الميعاد المحدد. تم إصدارها في عام 2003 قبل أن يشعر الفريق بأنها جاهزة. كما عانت اللعبة من ضغط العمل والإرهاق. تلقت اللعبة ردود فعل سلبية من النقاد، وتم تحميل الفريق ذنب فشل فيلم Tomb Raider الثاني!.
لم يكن Angel of Darkness يعرف بالضبط ما هو. فقد جمع بين استكشاف المقابر، وقتال الأعداء، وآليات التسلل الجديدة، واتجاه جديد لــ لارا. بينما استمتع بعض النقاد بالقصة، كانت اللعبة فاشلة مقارنة بالألعاب السابقة.
الإنتقال إلى Crystal Dynamics
بعد الانتقادات الحادة التي واجهتها Angel of Darkness، قررت إيدوس نقل إنتاج سلسلة Tomb Raider من Core Design إلى استوديو آخر. تم منح إنتاج اللعبة التالية إلى Crystal Dynamics في عام 2003، وهو استوديو كان قد حقق اسمه من خلال سلسلة Legacy of Kain. صرح الرئيس التنفيذي لشركة إيدوس، إيان ليفينغستون، أن الفشل النقدي للعبة Angel of Darkness كان السبب الرئيسي في نقل السلسلة من Core Design، لكن القرار كان مدفوعًا أيضًا بصعوبات الفريق الكبيرة في تطوير اللعبة على PlayStation 2، وبسبب شكاوى العديد من أعضاء فريق Core الذين قالوا إنهم “مستنزفون” من العمل على Tomb Raider. وأضاف أن “بالنسبة لشركة بريطانية، كانت خطوة نقل تطوير أصولها القيمة من ديربي إلى كاليفورنيا قرارًا كبيرًا، لكن كما تبين، كان القرار الصائب تمامًا”.
كان من أولويات إيدوس وCrystal Dynamics استعادة ثقة قاعدة المعجبين بالعلامة التجارية، بالإضافة إلى مساعدة السلسلة في استعادة المكانة وقوة البيع التي كانت عليها قبل إصدار Angel of Darkness. كان هدفهم الرئيسي هو إعادة لارا إلى أستكشاف المقابر، مع تمكين محرك اللعبة لديهم من تقديم ألغاز أكثر تعقيدًا. تم أصدار Legend في عام 2006، وتم استقبالها بشكل جيد، وكانت بمثابة عودة قوية للسلسلة. بالإضافة إلى ذلك، عاد توبى جارد وكان له دور كبير في تطوير اللعبة.
بعد الانتهاء من Legend، قرر الفريق الاحتفال بالذكرى العاشرة للسلسلة من خلال عمل ريميك للعبة الأصلية Anniversary وتم أطلاقه في 2007. حيث أعادوا بناء البيئات وأعادوا تصميم القصة لتتناسب مع أحداث وأساليب اللعب في Legend. إلى جانب تطوير Anniversary، كان هناك مشروع آخر قيد التطوير لجهاز الجيل السابع، وبسبب أنه كان يستخدم بنية ألعاب مألوفة من Legend، مما تسبب في مشاكل لفريق التطوير. وتم إصدار هذا المشروع في عام 2008 تحت اسم Tomb Raider: Underworld.
عودة Tomb Raider للساحة مجدداً
في عام 2009، وبعد إصدار Underworld، تم شراء إيدوس من قبل Square Enix وأُعيد تسميتها بـ Square Enix Europe، مما منح Square Enix ملكية سلسلة Tomb Raider. خلال هذه الفترة، كانت مواضيع الألعاب تميل إلى الطابع الجاد والمظلم، وانضمت لارا إلى هذا الاتجاه. عمل فريق Crystal Dynamics على أعادة تعريف Tomb Raider عن طريق Reboot يركز على تقديم قصة أكثر قتامة وقسوة للشخصية. كانت الأولوية الأخرى هي تقديم لارا كشخصية أكثر إنسانية، ووضعها في مواقف هشة، وإظهار كيف تبدأ رحلتها لتصبح “مستكشفة مقابر” من خلال السرد واللعب.
تم إصدار هذا الجزء الجديد الريبوت، والتي كانت ببساطة تحت اسم Tomb Raider، في عام 2013، وحظيت بإشادة نقدية عند الإطلاق، وأصبحت بداية ثلاثية “الناجي”. أحب النقاد والمعجبون هذا الاتجاه الجديد. ربما ليس بسبب الأسلوب القاسي، ولكن بسبب “إحساس” اللعبة: عالم أكثر انفتاحًا قليلًا، واستخدام كامل لألتقاط الحركة لـ لارا، وترقية الأسلحة والمعدات. لقد تطورت السلسلة حقًا إلى جانب العديد من الألعاب الأخرى.
أصبح التسلل هو العامل الرئيسي في هذه الألعاب الآن. وأصبحت لارا ماهرة في المراقبة من الظلال، وقنص الأعداء باستخدام القوس. ورغم أن هذا كان تحولًا عن الألعاب الأصلية، إلا أنه كان مناسبًا للصناعة.
أستكمال نجاح السلسلة
تم الكشف عن تكملة لـ Tomb Raider 2013، والتي أصبحت تُعرف باسم Rise of the Tomb Raider. وتم أصداره في 2015 والتي أخذت تجربة الجزء الأول وحسنتها إلي مراحل كبيرة. وتم معالجة نقص المقابر في الجزء السابق عن طريق تضمين المزيد من المقابر الاختيارية والتي تعتمد عليها القصة في اللعبة. استمر هذا الإصدار في تقديم لارا بشكل مختلف، مع إظهار المزيد من جوانب شخصيتها واهتمامها المتزايد في اكتشاف الحقيقة.
في عام 2018، تم إصدار Shadow of the Tomb Raider تزامنًا مع إطلاق فيلم جديد يحمل نفس اسم Tomb Raider، والذي كانت أليسيا فيكاندر فيه هي لارا كروفت، متأثرًا بشدة باللعبة التي صدرت عام 2013. تم تطوير Shadow بواسطة Eidos-Montréal بينما أكمل Crystal Dynamics تطوير لعبة Marvel’s Avengers، لكن Crystal قدمت دعمًا ثانويًا. اختتمت اللعبة قصة لارا الأصلية، وتم إصدار Shadow of the Tomb Raider في 2018.
استحواذ مجموعة Embracer
بعد نهاية ثلاثية الناجي، كان كل من Crystal Dynamics و Eidos-Montréal مشغولين بأعمال تتعلق بملكية مارفل، ولذلك لم تظهر ألعاب جديدة من Tomb Raider لعدة سنوات. في حالة Crystal Dynamics، استمر الدعم لـ Marvel’s Avengers حتى عام 2023. وبينما لم توجد ألعاب جديدة خلال هذه الفترة، كانت السلسلة نشطة عبر قنوات أخرى.
ففي عام 2021، أعلنت Legendary Television و DJ2 Entertainment عن سلسلة أنمي جديدة مستوحاة من أحداث Shadow of the Tomb Raider، تم عرضها على نتفليكس في أكتوبر 2024 تحت أسم Tomb Raider: The Legend of Lara Croft. في أوائل العشرينيات من القرن الواحد والعشرين، شهدت السلسلة العديد من التعاونات مع ألعاب فيديو أخرى، حيث تم استضافت لارا كروفت في ألعاب كثيرة مثل Fall Guys و Dead by Daylight. كما تم إصدار لعبة موبايل جديدة بعنوان Tomb Raider Reloaded في عام 2023
في مايو 2022، اشترت Embracer Group عددًا من أصول Square Enix Europe مقابل 300 مليون دولار، بما في ذلك Crystal Dynamics وسلسلة Tomb Raider. في نفس العام، أعلنت Crystal Dynamics عن اللعبة الرئيسية القادمة من Tomb Raider في 2022، وهي لعبة تهدف إلى “توحيد الأزمنة” ودمج عناصر من جميع الأجزاء الثلاثة للسلسلة، بما في ذلك أعمال Core Design. في هذه اللعبة، ستكون لارا مغامرة ذات خبرة. ستستخدم هذه اللعبة محرك Unreal Engine 5، وسيتم نشرها بواسطة Amazon Games.
مستقبل سلسلة Tomb Raider
في فبراير 2024، تم إصدار مجموعة من النسخ المعاد تصميمها للألعاب الثلاثة الأولى من Core Design تحت عنوان Tomb Raider I–III Remastered، والتي تتوفر على منصات مثل Nintendo Switch، PlayStation 4، PlayStation 5، Windows، Xbox One، و Xbox Series X/S. بالإضافة إلى ذلك، سيتم إصدار مجموعة معاد تصميمها من ألعاب The Last Revelation و Chronicles و The Angel of Darkness الثلاثية الثانية التي طورتها Core Design تحت عنوان Tomb Raider IV–VI Remastered في فبراير 2025.
خلال كل هذه الإصدارات والمطورين المختلفين، كان هناك شيء واحد ثابت: لارا. كان معظم اللاعبين يعودون إلى الألعاب في كل مرة لرؤية لارا واكتشاف المزيد عنها واستكشاف العالم معها. الآن، ننتظر مرة أخرى، للعبة الجديدة – Tomb Raider التي ستكون من نشر شركة Amazon، على أمل أن تأخذنا لارا إلى بعض المواقع الرائعة والمغامرات الشيقة مرة أخرى.