مقالات

ما الذي يحدث إذا قمت بتشغيل لعبة مُتطلِّبة تقنياً عبر حاسوب ضعيف؟

قبل ما يزيد عن عقد من الزمان، لم تكن مسألة متطلبات تشغيل الألعاب تشكل مشكلة بالنسبة لمعظم الحواسيب، وما ذلك إلا لأن الألعاب لم تكن متطلبة، ليس مقارنةً بالمتطلبات الحالية فقط، وإنما بالنسبة لعتاد الحواسيب وقتها أيضاً، فأي حاسوب ضعيف أو متوسط كان قادراً على تشغيل ألعاب كبرى بسلاسة بغض النظر عن معدل الإطارات والجودة اللذين كانا متواضعين بأي حال مقارنةً بالوقت الحالي.

تمر السنوات ويأخذ عتاد الحواسيب يتطور شيئاً فشيئاً، مما أتاح للمطورين تطوير ألعاب أشد واقعيةً وبالتالي أعلى تطلباً لعتاد الحواسيب، ومع الوقت بدأت مشكلة متطلبات الألعاب بالظهور نتيجة لتسارع متطلبات تشغيل الألعاب وعدم مواكبة عتاد الحواسيب الضعيفة والمتوسطة لها، ومع انتشار فكرة اقتناء الحواسيب المخصصة للألعاب، أخذت متطلبات الألعاب الكبرى تزداد جنوناً، ووصلنا لمرحلة قد يشكل فيها تشغيل هذه الألعاب عبر حواسيب ضعيفة خطراً عليها، وهو ما سنعرض له بمقالتنا.

قد لا تعمل اللعبة من الأساس إن لم يستوف حاسوبك متطلباتها الدنيا:

قد تظن أنها أكثر معلومة بديهيةً سمعتها في حياتك بعد استحالة تشغيل GTA V عبر الآلة الحاسبة ولو بمعدل ربع إطار في الثانية، وهو كذلك نوعاً ما، لذا لن ألومك إن لم تكمل المقالة وخرجت من الموقع، ولكن لا تتهور يا عزيزي لأن ما سأقوله قد يفيدك عندما تحاول تجربة لعبة لم يستوف حاسوبك الذي عفى عنه الزمن متطلباتها الدنيا لا من قريب ولا من بعيد ظناً منك أنها قد تعمل ببركة الدعاء!

توجد بعض الألعاب التي تضع حداً أدنى من المواصفات يمتنع معه تجربة اللعبة عبر حاسوب بمواصفات أقل من المطلوبة، وما ذلك إلا لأن المطور يخجل من أن يضع مواصفات دنيا تكشف عن فشله في صنع لعبة متوافقة بشكل جيد مع العتاد “Optimized” لدرجة أنه قد يحدد مواصفات ليس متأكداً من أنها قد تعمل مع لعبته البشعة تقنياً، بل قد لا تعمل اللعبة من الأساس رغم استيفاء المتطلبات الدنيا وهو ما يقودنا لنتائج أخرى.

قد تعمل اللعبة بمعدل إطارات أقل مما يعتبره الدماغ البشري فيلماً!

توجد كفتين بميزان الأداء تميل إحداهما على حساب الأخرى؛ الرسوميات ومعدل الإطارات، وغالباً ما توازن اللعبة تلقائياً بينهما عند تشغيلها عبر حاسوب ضعيف لا يجاري متطلباتها الخيالية. لكن فور محاولة رفع إحداهما ستنخفض الأخرى حتماً، وذلك لأنه ببساطة لا يمكن تثبيت معدل الإطارات عند رقم معين لا ينخفض عنه، وشتان بين ما أتحدث عنه وبين تفعيل محدد الإطارات “Frame Limiter” الذي لا يفعل شيئاً سوى وضع حاجز لمعدل الإطارات لا تجتازه اللعبة لتخفيف الضغط عن العتاد أو لتوفير الكهرباء أو ربما لمحاكاة امتلاك حاسوب ضعيف!

حاسوب ضعيف

لن أفترض رفاهية الاختيار بين الرسوميات ومعدل الإطارات لأن ذلك معناه أن الحاسوب مستوفٍ لمتطلبات اللعبة الدنيا، كما أن الأمر يواجه أي حاسوب تقريباً، فمعدل الإطارات غالباً يكون مفتوحاً بألعاب الحاسوب. لكن المشكلة هنا تخص من لا يستطيعون تشغيل اللعبة إلا بأقل إعدادات ممكنة، ومع ذلك يلعبون بمعدل إطارات أقل من عدد اللاعبين المتزامنين في لعبة Babylon’s Fall. لا تتخيل مدى بشاعة الرقم؟ أثناء تجربة اللعبة لمراجعتها، لم أجد سوى 27 لاعباً متزامناً منهم أنا، وقل العدد لاحقاً ليكون لاعباً واحداً، وبالمناسبة كانت اللعبة عينها تعمل بمتوسط 15 إطاراً فقط ولا أدرى لماذا حقاً!

قد تعمل اللعبة بمعدل إطارات جيد إن كنت مستعداً لفقدان عينيك!

لست مضطراً دائماً للعب بمعدل إطارات منخفض جداً كما قلت سابقاً طالما يمكنك ببساطة التضحية بالإعدادات الرسومية أو بعينيك أيهما أقرب، لذا قررنا الاستعانة بلعبة Red Dead Redemption 2 لإثبات وجهة نظرنا في وجود تجربة بصرية أشد بشاعةً من رسوميات Harry Potter and the Sorcerer’s Stone، وبالفعل أثبتنا وجهة نظرنا مقابل تلويث أعيننا كما تلوثت عينيك من هذه الأعجوبة الرسومية القبيحة!

حاسوب ضعيف

لم تكن اللعبة تعمل بشكل سلس، فأردنا تقليل الإعدادات الرسومية للعبة، وقد أثار فضولنا تقليل الإعدادات الرسومية لأقل قدر ممكن لنرى كم سيصل معدل إطاراتها، فعملت اللعبة بمعدل 120 إطاراً عبر حاسوب محمول ببطاقة رسوم GTX 1650 Ti ومعالج Core i7-9750H، وكان ذلك أبشع ما رأته عيناي وما عالجه دماغي، لذا أطلب منك ألا تكرر نفس التجربة المريعة لتتمكن من قراءة مقالاتنا القادمة بعينيك اللتين يهمني أمرهما يا عزيزي.

قد تعمل اللعبة ولكنها ستمنحك تجربة تُصنف أنها جريمة في حق الإنسانية!

الفرق بين مواصفات حاسوبك ومتطلبات اللعبة الدنيا قد يشكل صخرةً تتحطم عليها آمال حاسوبك في تشغيلها بسلاسة مهما كان الفرق تافهاً ولو بمقدار ميجابايت واحدة من ذاكرة بطاقة الرسوم أو الذاكرة العشوائية. كما قلت سابقاً، قد يخجل المطور من وضع متطلبات خرافية للعبته، فيعمد لتحديد متطلباتها بمواصفات يأمل أنها قد تعمل بها بشكل جيد ولو شاب التجربة بعض العيوب التقنية، وقد يكون توافق اللعبة مع العتاد “Optimization” كارثياً، وهو ما يضيف عاملاً ثانياً يزيد من بشاعة التجربة!

لا أشعر بالفخر مما سأقوله، ولكن للأسف لديّ خبرة جيدة مع تجارب الأداء الكارثية، فقد راجعت ثلاثة من أبشع الألعاب من حيث الأداء التقني وقت إطلاقها؛ لعبتين هذا العام من Sony، ولعبة في العام السابق من Square Enix، وأحييك إن خمنت أنها Babylon’s Fall العاقة! أتذكر أن اللعبة كانت تتطلب بطاقة GTX 1650 أو GTX 1060 بينما كان حاسوبي ببطاقة GTX 1050 Ti، والأسوأ أنها بطاقة حاسوب محمول بتصميم Max-Q، ورغم بشاعة رسومياتها ومحاولة إخفاء قبحها بمرشحات زيتية رديئة، إلا أنها عانت من مشاكل تقنية أهمها عدم استقرار معدل الإطارات وانغلاق اللعبة تلقائياً بشكل مفاجئ.

شاشة الموت الزرقاء “Blue Death Screen” واحتراق بطاقة الرسوم:

غالباً ما تكون بطاقة الرسوم كبش الفداء عند تشغيل لعبة بمتطلبات تفوق مواصفات الحاسوب، والسبب أن معظم الألعاب حالياً تعتمد على بطاقة الرسوم بشكل كبير مقارنةً بقطع العتاد الأخرى، وهو ما يجعل متطلبات الألعاب الضخمة لبطاقات الرسوم مرتفعة، لذا فإن محاولة تشغيل لعبة ضخمة عبر حاسوب ضعيف ببطاقة رسوم متواضعة مهما كانت مكوناته الأخرى قوية، أشبه بعملية انتحارية قد تؤدي لموت بطاقة الرسوم محروقةً! عندما توشك بطاقة الرسوم على الاحتراق أو الفشل تظهر شاشة الموت الزرقاء “Blue Death Screen” بنظام Windows لتحذيرك وإعادة تشغيل الحاسوب “Restart” لإنقاذ بطاقة الرسوم.

حاسوب ضعيف

بالتأكيد لدي تجربة مريعة مع شاشات الموت الزرقاء يا عزيزي، آخرها منذ أسبوع تقريباً أثناء تجربة نسخة الحاسب من Ratchet and Clank: Rift Apart لمراجعتها. تتطلب اللعبة بطاقة GTX 960 لتعمل بأقل إعدادات، وبما أنها تقدم أداءً أفضل بنسبة 15% تقريباً من بطاقة GTX 1050-Ti Max-Q، قررت تفعيل تقنية AMD FSR 2.1 لتعويض نقص المواصفات. ومع ذلك، لم يكن معدل الإطارات مستقراً وبدأت تشنجات الأداء بالظهور مع بعض العيوب التقنية، والتي كان يعقبها دوماً انغلاق اللعبة تلقائياً، فقمت بتشغيلها مجدداً لتنغلق بعد دقائق، هكذا دواليك، ولكن في آخر محاولة فعلت اللعبة شيئاً جديداً.. تشنجت اللعبة تماماً وظهرت شاشة الموت الزرقاء وأصدر الحاسوب صوت طنين مريع ينذر باحتراق بطاقة الرسوم، ولكن في النهاية عاد الحاسوب للعمل بشكل طبيعي، فلا تكرر تجربتي رجاءً!

المزيد من المقالات الساخرة:

Mohamed Tahazohier

رئيس قسمي التقنية والهاردوير في Games Mix ومدير محتوى بفروعها. خبرة تفوق 5 سنوات في التقنية وخصوصاً الهواتف الذكية وأجهزة الحاسوب. مهتم بصناعة الألعاب، ومحب لألعاب الشوتر والخيال العلمي. مؤسس صفحة تطبيقك على فيسبوك.
زر الذهاب إلى الأعلى