مراجعة لعبة Dead Space Remake

أخيرًا وبعد انتظار طال، صدر Remake لعبة الرعب الكلاسيكية، Dead Space، لعبة الرعب الأكثر انتظارًا هذا العام، والتي تم العمل عليها من الصفر بمحرك جديد وأصول جديدة، ذلك بالإضافة إلى بعض التحسينات والتغييرات في محتوى اللعبة الأصلية، التي من شأنها أن تحسن التجربة بشكل كبير.

Dead Space Remake من تطوير استوديو Motive ومن نشر EA المالكة للاستوديو. متوفرة عبر الحاسب الشخصي ومنصات الجيل الحالي فقط، بسعر 60 دولار عبر الحاسب، و 70 دولار عبر المنصات المنزلية.

في هذه المراجعة نتعامل مع اللعبة كأنها لعبة جديدة كليًا، ونناقشها من ناحية القصة وأسلوب اللعب والعالم وما إلى ذلك، مع مراعاة المقارنة بينها وبين الأصلية في بعض الجوانب، ففي النهاية الغرض من هذا الـ Remake هو مخاطبة اللاعبين اليوم الذين بطبيعة الحال يرفضون تجربة لعبة صدرت قبل 15 عامًا.

ما الجديد في الـ Remake؟

Dead Space Remake ليست نسخًا ولصقًا للعبة الأصلية مع تحسينات رسومية وفيزيائية، بل هناك إضافات لأسلوب اللعب وأنظمة اللعبة بشكل عام، بجانب الإضافات في القصة والسرد، لترفع من مستوى التجربة.

أهم تلك الإضافات في رأيي هي التمثيل الصوتي للبطل Isaac، ففي اللعبة الأصلية كان Isaac صامتًا طوال الوقت وليس له رأي أو شخصية في أي مما يحدث، الأمر الذي كانت له ميزاته بجانب عيوبه. في الـ Remake، ستجد Isaac الآن يتحدث ويتواصل ويتفاعل مع ما يحدث حوله، وهو من يقدم اقتراحات للحلول بدلًا من أن يؤمر بها وهو صامت، الأمر الذي يجعل ارتباط اللاعب ببطل اللعبة أفضل، ولكنه أيضًا صامت حين يكون وحده أو في مواجهة الأعداء، فهي لمسة رائعة من الاستوديو أن تحافظ على الطابع الأصلي للسلسلة، مع التعديل عليه للأفضل.

إضافة هامة أخرى هي التعديل على القصة الأصلية لتتضمن شرحًا أوسع لعالم اللعبة والخلفية الدرامية، مع الاستعانة ببعض الأمور من Dead Space 2 و 3، وهي خطوة ذكية من فريق التطوير الذي لديه بالفعل الخلفية الدرامية للعالم كاملة الآن، ليضع منها ما من شأنه أن يحسّن البناء الدرامي في هذا الجزء وانغماس اللاعب معه.

وفيما يتعلق بأسلوب اللعب، فأصبح هناك ألغاز بسيطة وأخرى معقدة قليلًا بين الحين والآخر، ليست عوائق صعبة ولكنها تجعل الطريق غير ممهد أمام اللاعب، فعليه التفكير والحضور ذهنيًا في ظل المخاطر التي تحيط به ليتخطى المرحلة.

هناك عدد من الإضافات الأخرى، سواءً ما يتعلق بالفيزيائيات والبصريات، أو الجانب التقني كانعدام شاشات التحميل. أعددنا مقالًا عن كل ما هو جديد في الـ Remake بالتفصيل:

• ما الجديد في ريميك Dead Space؟

أما عن محتوى اللعبة والتجربة بالتفصيل، إليك المراجعة.

القصة بدون حرق

تقع أحداث اللعبة في القرن السادس والعشرين، حين يصل المهندس Isaac Clarke وفريقه على متن سفينة USS Kellion إلى حفارة الكواكب العملاقة Ishimura بعدما تلقوا نداءً بأن الحفارة تحتاج للإصلاحات في قسم الاتصالات، وليجتمع Isaac مع صديقته الطبيبة Nicole بعد فراقٍ لـ 6 أشهر، ولكن من لحظة وصولهم يلاحظون هدوءًا غريبًا في الأجواء على عكس المتوقع، ليُفاجأوا أن الجميع تحول إلى وحوش فتاكة لا تفهم ولا ترحم.

يُحبس الطاقم على متن Ishimura ويفقدون سفينتهم USS Kellion، ويجد Isaac نفسه وحيدًا بعد أن فرقت الظروف بينه وبين زملائه، والآن عليه النجاة وسط هذه المهاول، والتغلب على العقبات التي تحول بينه وبين الوصول لزملائه والهروب من على متن الحفارة Ishimura، وبالطبع يريد أن يعثر على Nicole.

لا يمر وقتٌ طويلٌ قبل أن يكتشف Isaac أن Ishimura تحمل في باطنها أسرارًا خطيرة، أخطر بكثير مما تبدو عليه، فيجد نفسه أمام شأن أكبر مما تصور أو توقع، فكيف سيتعامل مع كل تلك الأمور في هذه البيئة العدوانية في مواجهة المجهول؟

استغرقتني القصة الأساسية حوالي 13 ساعة لإنهائها، على الصعوبة المتوسطة. ذلك الرقم قد يزيد أو يقل، وفقًا للصعوبة التي تلعب عليها وسرعة إنهائك لكل مرحلة.

محتوى اللعبة

• في البداية تحصل على سلاح واحد، مسدس الـ Laser Cutter، وبينما تتقدم في اللعبة تصبح أسلحة أكثر متاحة تدريجيًا، وصولًا إلى 7 أسلحة نحو النهاية، تتنوع جميعها عن بعضها وتختلف أنواع ذخيرتها أيضًا. يمكن التجهّز بـ 4 أسلحة فقط في آن واحد.

• لكل سلاح وظيفتان، الوظيفة الأساسية هي إطلاق الذخيرة، والوظيفة الثانوية تكون وظيفة مشتقة من وظيفة السلاح الأساسية وغالبًا ما تستهلك ذخيرة أكثر، فمثلًا هناك الـ Force Gun الذي يطلق دفعة قوية كوظيفة أساسية، ويطلق “بئر جاذبية” يقوم بتجميع الأعداء المحيطين عند بقعة واحدة كوظيفة ثانوية، وهناك الـ Line Gun الذي يطلق طلقات ثلاثية من الطاقة كوظيفة أساسية، ويضع فخاخ من الليزر كوظيفة ثانوية، وهكذا لكل سلاح من السبعة أسلحة.

• بعض المناطق أو الصناديق لا يمكن الوصول لها في بداية ومنتصف اللعبة بسبب التصريح الأمني الذي تمتلكه في البداية، فمع التقدم يزداد تصريحك الأمني ويمكن الوصول لتلك المناطق، بعضها متعلق بالقصة والبعض الآخر يوجد به عتاد وذخيرة.

• يمكن للاعب حفظ التقدم يدويًا بين الحين والآخر عند محطات الحفظ “Save Station”، ولا يمكن الحفظ يدويًا بوسيلة أخرى، كما أن الحفظ التلقائي لا يحدث سوى قبل مواجهة زعيم أو عند نهاية فصل أو عند مشهد سينمائي.

• Dead Space Remake تقدم محتوى جانبيًا بسيطًا يتكون من 3 مهمات، إحداها ترفع من التصريح الأمني لـ Isaac وتفتح له مناطق جديدة بها عتاد قوي، والمهمتيْن الأخريين تساعدان في فهم جوانب من القصة فيما يتعلق ببعض الشخصيات. الثلاث مهمات تضيف ما يقارب ساعتين من اللعب لمدة القصة الأصلية.

• يمكن جذب الأغراض بالمغناطيس المعروف بـ Kinesis، ويمكن إبطاء الأعداء أو أي شيء متحرك باستخدام أداة تُدعى Stasis. تلك الآلية أساسية في أسلوب لعب Dead Space. يمكن إعادة ملء الـ Stasis باستخدام Stasis Pack يتم شراؤها أو العثور عليها، أو من خلال محطات إعادة شحن الـ Stasis.

• ثمة آلية لتطوير للأسلحة وللبدلة الخاصة بـ Isaac، الأمر الذي يتم عن طريق عملات Nodes التي يمكن العثور عليها أثناء اللعب والاستكشاف. هي أشبه بشجرة المهارات، حيث يكون عليك أن تسلك الفرع من بدايته.

• دهس الأعداء بعد قتلها يُسقط غرضًا يمكن التقاطه، سواءً كان ذخيرة أو أغراض لاستعادة الصحة.

• ثمة متجر يمكن من خلاله شراء المعدات كالذخيرة ومعدات استعادة الصحة، أو تطوير البدلة الخاصة بـ Isaac لزيادة مساحة التخزين وما يمكن حمله من أغراض، بالإضافة إلى فتح تطويرات جديدة خاصة بالبدلة.

• في مراحل كثيرة يدخل اللاعب مناطق منعدمة الجاذبية ويحلق فيها باستخدام النفاثات، وذلك يكون أثناء إتمام مهمة ما أو محاربة الأعداء أو كليهما معًا.

• واحدة من الإضافات التي لم توجد في اللعبة الأصلية، وهي الألغاز. الألغاز هنا منها ما تكون بساطته بقدر بساطة تحويل مجرى الطاقة في لوحة كهرباء صغيرة، أو تكون معقدة قليلًا بقدر رسم مجرى الطاقة بين ممرات متعددة ومتداخلة بحجم غرفة ضخمة تنعدم فيها الجاذبية.

• تفاصيل كثيرة فيما يتعلق بالقصة والشخصيات والخلفية الدرامية للعالم تقبع أمام عينيْك منذ اللحظة الأولى، وهي متمثلة في التسجيلات الصوتية والكتابية الموزعة على متن Ishimura، فلا تتوقع أن تُقدم لك القصة كاملة الجوانب من تلقاء نفسها.

إيجابيات Dead Space Remake

• رسوميات خرافية. هذه بالتأكيد لعبة جيل جديد ذات تصميم بصري يسر الناظرين، على الرغم من بيئتها الموحشة. كان ينقصها “وضع تصوير” للاستمتاع بجمالها أكثر وأكثر.

• أداء تقني مميز على الحاسب الشخصي. قمنا بتجربتها على معالج رسومي Nvidia GTX 1650 TI ومعالج Intel Core i5-10300H وذاكرة عشوائية 12GB، وحصلنا على 45-60 إطارًا بالثانية على دقة 1080p وإعدادات مرتفعة. ذلك بالإضافة إلى انعدام شاشات التحميل، وتقنية “اللقطة الواحدة” على مدار اللعبة، التقنية التي رأيناها من قبل في لعبتيّ God of War الأخيرتيْن.

• قصة خرافية وسرد أكثر من رائع بالاعتماد على البيئة في تقديم كل تفصيلة تتعلق بالبناء الدرامي، فمن خلال التسجيلات الصوتية والمرئية والكتابية يمكن التعرف على أحوال ركاب السفينة وطاقهما قبل الكارثة، والتعرف بشكل واسع على شخصيات بعينها تشكل دورًا هامًا في الأحداث، دون مقابلتها مطلقًا، ذلك بالإضافة إلى التعرف على بعض المصطلحات والمفاهيم التي تُطرح خلال الأحداث. كل ذلك يضيف عمقًا رائعًا للقصة ويغمس اللاعب مع تفاصيلها.

• تنوع مذهل في الأسلحة وآلية عمل كل منها. في وجود 7 أسلحة فريدة ومختلفة، كل سلاح يعمل بأفضل شكل في مواقف معينة، الأمر الذي يجعل أسلوب اللعب ممتعًا وإبداعيًا، حيث يمكن أن تواجه الأعداء بطرقٍ عديدة مختلفة.

• فيزيائيات رائعة، لعبة جيل جديد بحق! كل مشط سلاح تقوم بتبديله يسقط أمامك ويتأثر بما يقع عليه، كذلك حركة الأعداء وتطايُر أشلائهم. تقطيع أشلاء وحوش هائجة ترغب في التهامك أصبح أفضل من أي وقتٍ مضى!

• التعديلات البسيطة على بعض التفاصيل في القصة أعطتها عمقًا جديدًا وجعلتها أفضل وأقوى. لن أتطرق إليها منعًا للحرق، ولكن يكفي القول أنها أدت دورها الكامل في تقوية البناء الدرامي، ليس فقط للعالم، بل للشخصيات كافة، ومهدت الطريق بأفضل طريقة لمن يريد أن يستكمل رحلة ثلاثية Dead Space.

• بناء البيئة رائع. من التصميم إلى الإضاءة وحتى الصوتيات، كلها تجعل من بيئة Dead Space عدوانية وموحشة بشكل يجعلك مضطربًا دومًا وأنت تتجول في أرجاء الـ Ishimura، الأمر الذي يفرش البساط لسيناريوهات رعب ممتازة ويضع اللاعب في توتر دائم.

• استمتعت كثيرًا بالألغاز في Dead Space Remake. في حين أن منها البسيط ومنها المعقد، إلا أن تعامل اللعبة معها جعلها أروع مما هي عليه. اللعبة لا تخبرك أصلًا أنك على وشك مواجهة لغز، وإذا ظللت عالقًا لساعات لن تفعل اللعبة شيئًا أيضًا، كما أن Isaac لا يتحدث عندما يكون وحده ولا يفكر بصوتٍ عالٍ وقت حل اللغز، وبذلك تكون وحيدًا في مواجهة ذلك اللغز الذي عليك التعرف عليه أساسًا في بادئ الأمر. ذلك يزيد من جانب البقاء في التجربة، فأنت وحدك حقًا، ولا Isaac نفسه سيساعدك في مواجهة لغز ما.

السلبيات

هي واحدة من تلك الألعاب التي ما من سلبيات مؤثرة فيها، فبعد 13 ساعة من اللعب، يمكن القول بأنها تجربة مثالية من الرعب والإثارة، وإعادة إنتاج “ريميك” خرافي. حقيقةً يصعب عليّ إيجاد سلبية مؤثرة واحدة، لذا إذا كتبتُ سلبيات في هذه الفقرة سأكون متصيدًا بشكل ظالم.

لاعبًا قديمًا كنت أو جديدًا: هل أنصحك بـ Dead Space Remake؟

بكل تأكيد!

لو كنت لاعبًا قديمًا للعبة ولعبت الأصلية من قبل، فستحصل على تجربة رائعة مع الريميك، ليس فقط بفضل الرسوميات وأسلوب اللعب المميزين، بل أيضًا بسبب ما تم على اللعبة من تعديلات من ناحية المهمات الإضافية أو التعديلات على بعض التفاصيل في القصة والسرد.

كذلك لو لم تلعب Dead Space من قبل، فأنت على موعد مع تجربة خرافية في واحدة من أفضل ألعاب الرعب والبقاء.

إلى The Callisto Protocol: هكذا تكون السينمائية في الألعاب!

أكثر ما يميّز Dead Space هو السينمائية في كل شيء متعلق بأسلوب اللعب والسرد، فلن تجد أيقونات ظاهرة على الشاشة، بل أن مؤشرات الصحة والذخيرة كلها مدمجة في جسم البطل كغرض حقيقي في العالم، كما أنه ما من بوصلة أو أيقونة هدف واضح أمامك عليك الوصول إليه دون النظر يمينًا أو يسارًا، وما من شاشات تحميل أو فواصل بين اللعب والمشاهد السينمائية، فالانغماس في التجربة يكون في أقصى مستوياته.

ولكن أيضًا، لكيلا يكون الانغماس زائدًا عن الحد وتجد نفسك تائهًا حائرًا في طرقات مظلمة موحشة ويصيبك الملل سريعًا، هناك آلية اختيارية تريك أين عليك الذهاب بشكل لحظي، كما أن هناك خريطة، وكل منهما لا يأتي على حساب السينمائية الواقعية، بل أنهما من أدوات Isaac التكنولوجية الموجودة فعلًا في العالم، مثلهما مثل مؤشرات الصحة والذخيرة.

كذلك التبديل بين الأسلحة والوصول إلى المخزون أو استعراض الأهداف، كل منها سينمائي وواقعي، ولكن ليس أكثر من اللازم. فالتبديل بين الأسلحة سريع ومباشر، نعم يتم التضحية بشكل بسيط بالسينمائية هنا، فالتبديل بين الأسلحة ليس واقعيًا، ولكنه يفي بالغرض وليس ذا تأثير على سينمائية اللعب وانغماس اللاعب.

تلك هي الوصفة للعمل بشكل سينمائي على لعبة رعب وبقاء. نعم هنا أتحدث عن The Callisto Protocol التي فعلت نصف ما ذكرته بالأعلى، فالسينمائية حاضرة ولكن بشكل مفرط ومؤثر سلبيًا على أسلوب اللعب، فالتبديل بين الأسلحة أثناء مواجهة حشود من الوحوش يستغرق وقتًا طويلًا، وما من أي آلية تخبرك بوجهتك التالية وستجد نفسك تائهًا معظم الوقت، والمزيد من العوامل التي من المفترض أن تكون سينمائية، ولكن انتهى بها الأمر إلى كونها مفسدة للتجربة، وسببًا من أسباب كون The Callisto Protocol لعبةً عادية. على العكس هنا، تلك السينمائية المعقولة، بجانب عوامل أخرى، تجعل من Dead Space لعبة خرافية.